نظريات الاتصال والتأثير غير المباشر

أصبح العالم يبدو وكأنه قرية صغيرة منذ وقت طويل نتيجة لوجود العديد من الوسائل التي ساهمت في تعزيز التواصل بين الأفراد وهذا الأمر انعكس بصورة واضحة على مختلف جوانب الحياة الاجتماعية.

نظريات الاتصال ودورها في التأثير غير المباشر

تلعب نظريات الاتصال دورًا محوريًا في نقل المعلومات وإحداث التأثير على الأفراد بطرق متعددة حيث تختلف في أساليب تفاعلها مع الجمهور وآليات انتقال الرسائل الإعلامية بينهم وتشمل:

  • نظريات التأثير المباشر التي تقوم على فكرة أن الرسائل الإعلامية تصل إلى الأفراد وتؤثر عليهم فورًا دون تدخل أي عوامل وسيطة أو تصفية.
  • نظرية التأثير الانتقائي التي تشير إلى أن استجابة الأفراد للمعلومات تعتمد على اهتماماتهم وتجاربهم السابقة مما يؤدي إلى تفاوت التأثير بين الأفراد بناءً على اختلاف خلفياتهم المعرفية.
  • نظريات الاتصال الإقناعي التي تهتم بكيفية توظيف وسائل الإعلام بأساليب مدروسة بهدف إحداث تغيير في مواقف الجمهور أو تعديل سلوكياتهم من خلال رسائل موجهة بعناية.
  • نظريات التأثير غير المباشر التي تسلط الضوء على تأثير البيئة الاجتماعية للأفراد وأهمية التفاعل مع المحتوى الإعلامي عبر وسطاء مثل الأصدقاء وأفراد العائلة أو الشخصيات المؤثرة مما ينتج عنه تأثير تدريجي يظهر على المدى البعيد.

تعريف نظريات الاتصال

تنقسم نظريات الاتصال والتأثير غير المباشر إلى ثلاث نظريات رئيسية:

  • نظرية المعنى: تساهم وسائل الإعلام في توسيع دلالات مفردات اللغة حيث لا يقتصر تأثيرها على الجانب اللغوي فقط بل يمتد ليشمل حياة الأفراد بطريقة غير مباشرة إذ تؤثر في إدراكهم وتساهم في تشكيل رؤيتهم واتخاذ قراراتهم من خلال الطريقة التي يتم بها نقل المعلومات إلى المجتمع.
  • نظرية التأثير المباشر: تفترض هذه النظرية أن وسائل الاتصال كالتلفزيون تمتلك تأثيرًا مباشرًا على سلوك الأفراد في حياتهم اليومية حيث تلعب دورًا بارزًا في تشكيلهم اجتماعيًا وتعزيز تفاعلهم مع المجتمع.
  • نموذج الاحتياجات والإشباعات: يمنح هذا النموذج الأفراد حرية اختيار الوسيلة الإعلامية التي تتناسب مع احتياجاتهم النفسية والاجتماعية وفقًا لأولوياتهم واهتماماتهم مما يسمح لهم بالحصول على المعلومات التي تتوافق مع تطلعاتهم الشخصية.

ما المقصود بالتأثير المباشر؟

  • تُعرف هذه النظرية بـ “الرصاصة الإعلامية” أو “الحقنة تحت الجلد” وتُعد من أبرز نظريات الاتصال التي تُشير إلى أن المحتوى الإعلامي يصل إلى الجمهور بطريقة مباشرة ومؤثرة وكأنه طلقة تصيب الهدف دون وساطة.
  • ظهرت هذه النظرية بشكل واضح خلال الحرب العالمية الأولى حيث أظهرت الدور القوي لوسائل الإعلام في توجيه الرأي العام والتأثير على معتقدات الأفراد وسلوكياتهم بشكل ملحوظ.
  • توضح كيف أن الإعلام يعتمد على رسائل موجهة تستهدف مشاعر الأفراد وتؤثر فيهم بشكل مباشر حيث تصل كل رسالة إعلامية إلى المتلقي بصفته مستهدفًا بشكل فردي مما يترك أثرًا واضحًا على مواقفه واستجاباته.

نظريات التأثير الانتقائي في وسائل الإعلام

عند التطرق إلى نظريات الاتصال والتأثير غير المباشر، نجد أن نظرية التأثير الانتقائي تتشعب إلى عدة اتجاهات، ومن بينها:

  • نظرية الاختلافات الفردية: تؤكد هذه النظرية أن استجابة الأفراد لوسائل الإعلام تختلف وفقًا لعوامل متعددة تشمل الخلفية الثقافية والمعتقدات والقيم الشخصية، فكل فرد يدرك المحتوى الإعلامي بطريقته الخاصة، مما يؤثر في كيفية تفاعله مع الرسائل الإعلامية.
  • نظريات الفئات الاجتماعية: تشير إلى أن الانتماء الاجتماعي للفرد يؤثر في طريقة فهمه واستقباله للمعلومات الإعلامية، حيث تتبنى كل فئة اجتماعية معايير وقيمًا مشتركة بين أفرادها، وهذا بدوره يحدد مستوى التأثير الذي تتركه وسائل الإعلام على الأشخاص ضمن هذه الفئات.
  • نظرية العلاقات الاجتماعية: تستند إلى أن القرارات التي يتخذها الأفراد غالبًا ما تتأثر بشبكة علاقاتهم الاجتماعية، إذ يعتمد الكثيرون على آراء محيطهم الاجتماعي عند اتخاذ القرارات، وفي حال تجاهل الشخص استشارة الدائرة القريبة منه، فقد يعيد النظر في قراره لاحقًا بناءً على ردود أفعال من حوله.

ما هي الأسس التي تقوم عليها نظريات التأثير الإقناعي؟

دراسة نظريات التأثير الإقناعي تركز على تحليل الطرق التي يمكن من خلالها التأثير على الأفراد وإقناعهم بأفكار محددة وتنقسم هذه النظريات إلى عدة أنواع حيث يعتمد كل منها على مجموعة من الأسس التي تحدد كيفية الوصول إلى الفئة المستهدفة وإحداث التأثير المطلوب:

  • نظرية التاءات الثلاثة: تحمل هذه التسمية نظرًا لكونها تعتمد على ثلاث مراحل رئيسية تشمل التوعية والتشريع والتتبع.
  • تبدأ العملية بمرحلة التوعية التي تهدف إلى نقل الفكرة إلى الجمهور باستخدام الحجج المقنعة والحقائق المدعمة بالبراهين ولكن التوعية بمفردها لا تكفي لذلك يأتي دور التشريع الذي يعتمد على تطبيق أدوات مثل الحملات الإعلانية وأساليب الضغط لضمان تحفيز المتلقي على اتخاذ الخطوة المطلوبة بدلًا من الاكتفاء بالاستماع.
  • أما التتبع فيشكل المرحلة الأخيرة حيث يتم تقييم مدى نجاح الفكرة في التطبيق على أرض الواقع مع الاستمرار في التذكير والتحفيز لضمان التزام الأفراد وتحقيق التأثير الفعلي.
  • نظرية التنافر المعرفي: تستند هذه النظرية إلى مبدأ أن الإنسان بطبيعته يميل إلى تبني الآراء التي تتماشى مع قناعاته الشخصية وعند مواجهة أفكار تخالف معتقداته فإنه يسعى بشكل لا إرادي للدفاع عن آرائه وسلوكياته من أجل الحفاظ على توازنه النفسي والفكري.
  • نظرية التحليل المعرفي للإعلام: تركز هذه النظرية على فكرة أن البشر يسعون دائمًا لتحقيق التوازن في أفكارهم وعلاقاتهم مع الآخرين إذ يُعتبر هذا التوازن عنصرًا ضروريًا لضمان شعورهم بالاستقرار النفسي والاجتماعي.

نظريات التأثير الإعلامي وأثرها في تشكيل الرأي العام

عند الحديث عن نظريات الاتصال والتأثير غير المباشر نجد أن وسائل الإعلام تعتمد بشكل أساسي على الإدراك والاستجابة الفردية حيث يتفاعل المتلقي مع المحتوى بناءً على فهمه الذاتي وتأويله له مما يمنح الإعلام قدرة كبيرة على التأثير في تشكيل الأفكار والاتجاهات بطرق متعددة ومن أبرز تلك التأثيرات:

  • التأثير على الوعي السياسي: تساهم وسائل الإعلام في نقل الأحداث السياسية المحلية والعالمية مما يساعد في تكوين رؤية الأفراد تجاه القضايا المختلفة ومع التطور السريع للوسائل الرقمية أصبح للأخبار المتداولة عبر الإنترنت والمنصات الاجتماعية دور أكبر في التأثير على آرائهم وتوجهاتهم السياسية.
  • الدور التعليمي: تقدم الوسائل الإعلامية مواد تعليمية تستهدف الفئات المختلفة مثل البرامج التي تعلم الأطفال الحروف والأرقام وتغرس فيهم القيم المجتمعية مثل الصدق والتعاون وأهمية احترام الآخرين لكن في المقابل تشير الدراسات إلى ضرورة تحديد معدل التعرض للمحتوى الرقمي إذ يُنصح بألّا تتجاوز مدة مشاهدة الطفل للشاشات ساعة واحدة يوميًا مع أهمية إشراف الأهل على ما يتلقاه.
  • التأثير المعلوماتي والمعرفي: توفر المنصات الإعلامية محتوى متنوعًا يغطي جميع مجالات الحياة سواء من خلال التلفاز أو الإنترنت مما يمنح الأفراد كمية ضخمة من المعارف التي يكوِّنون اعتمادًا عليها تصوراتهم ويشكلون مفاهيمهم الخاصة التي تؤثر على كيفية إدراكهم للواقع واتخاذ القرارات.
  • التطبيع مع العنف: تعرض وسائل الإعلام باستمرار مشاهد العنف في نشرات الأخبار والأفلام والمسلسلات ما يؤدي مع الوقت إلى تقليل الحساسية تجاه هذه المشاهد وجعلها تبدو طبيعية وهو ما قد يؤثر على سلوك الأفراد لا سيما الأطفال والمراهقين الذين يتأثرون سريعًا بما يشاهدونه.

من هذا المنطلق تلعب وسائل الإعلام دورًا حاسمًا في بناء المجتمعات وتوجيه الفكر العام لكنها في الوقت ذاته تحمل تأثيرات تتطلب وعياً ومتابعة مستمرة حتى لا تتحول إلى أداة ذات انعكاسات سلبية على الفرد والمجتمع ولأي استفسار يتعلق بالأبحاث الأكاديمية يمكنكم ترك تعليق أسفل المقال.

إيمان محمد محمود، خريجة تكنولوجيا التعليم والمعلومات ، أعمل مدرب حاسبات ونظم، كاتبة مقالات في العديد من المواقع ، متخصصة في الأدعية والاخبار السعودية علي موقع كبسولة ، للتواصل معي capsula.sa/contact_us .

0 0 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات
0
اكتب تعليقك او استفسارك وسنرد عليك في أقرب وقت بمشيئة الله تعالىx
()
x