تُشكل الزراعة والثروة السمكية منظومة مترابطة تعزز من تطور كلٍّ منهما وتعتمد إحداهما على الأخرى في تحقيق النمو وتعظيم الإنتاج مما يسهم في دعم الاقتصاد الوطني وتأمين مصدر غذائي مستدام يلبي احتياجات السوق المحلية ويوفر فائضًا يمكن توجيهه إلى الأسواق الخارجية.
دراسة حول الإنتاج الزراعي والسمكي
يُعَدُّ الإنتاج الزراعي واحدًا من أهم الأنشطة الاقتصادية التي ترتكز على زراعة المحاصيل وتنمية المزروعات ولا ينحصر دوره في ذلك فقط بل يشمل أيضًا تربية المواشي والحيوانات في المراعي حيث تعتمد هذه الكائنات على الأعلاف والحبوب والنباتات العشبية للحصول على التغذية اللازمة لضمان نموها بصورة سليمة وطبيعية.
ويشمل نطاق الإنتاج الزراعي كذلك عمليات إنتاج مختلف السلع والمنتجات التي يتم بيعها وتداولها في الأسواق لتحقيق العائد المالي مما يستدعي توفر بيئة مثالية تحتوي على تربة خصبة وموارد مائية كافية إلى جانب ظروف مناخية تتناسب مع متطلبات الزراعة وتعزز استمراريتها لضمان إنتاجية عالية.
القطاعات المتصلة بالإنتاج الزراعي
الإنتاج الزراعي يرتبط بعدة قطاعات هامة تساهم في تعزيز استدامته وتطويره حيث أن هناك مجموعة من الأنشطة التي تلعب دورًا أساسيًا في دعم هذا القطاع بمختلف جوانبه ومنها:
- زراعة الغابات وتنمية الأشجار المثمرة بمختلف أنواعها والتي تُعد من المصادر الأساسية لإنتاج الفواكه مما يساعد في زيادة المساحات الخضراء وتعزيز الاستفادة من الموارد الطبيعية بشكل مستدام.
- إنتاج المحاصيل الزراعية من الخضروات بأنواعها والعمل على تطوير أصناف جديدة من البذور والأعلاف التي تدخل في العديد من الصناعات سواء الغذائية أو الأعلاف الحيوانية مما يساهم في تحسين الإنتاجية والجودة.
- العناية بتجهيز التربة والاهتمام برفع خصوبتها لتكون قادرة على دعم زراعة محاصيل متجددة ذات إنتاجية عالية مما يضمن استدامة الأراضي الزراعية لفترات طويلة ويحسّن جودة المنتجات الزراعية.
- هناك علاقة وثيقة بين الإنتاج الزراعي والأنشطة السمكية، حيث أن العديد من المناطق الزراعية تساهم في توفير بيئات مناسبة لنمو الأسماك من خلال الأنظمة الزراعية المائية التي تساعد على تعزيز التكامل بين الزراعة والاستزراع المائي.
- الزراعة تُعد الأساس للكثير من الأنشطة الحيوانية، فالثروة الحيوانية تعتمد بشكل رئيسي على المحاصيل الزراعية كمصدر أساسي للأعلاف مما يُبرز دور الزراعة في توفير الغذاء للحيوانات وتعزيز التكامل بين الإنتاج النباتي والحيواني.
- المناطق الزراعية مليئة بالنباتات العطرية والزهور التي لا تضفي فقط مظهرًا جماليًا ورائحة مميزة بل تلعب دورًا هامًا في تحسين جودة الهواء وتوفير بيئة تساعد على تحقيق التوازن البيئي والمحافظة على التنوع النباتي.
قطاع الإنتاج السمكي
الإنتاجُ السَّمَكي يَشمَل جميعَ الكائنَاتِ الحيَّةِ التي يتمُّ استخراجُها من المسطَّحاتِ المائيَّةِ مثلَ البِحارِ والمُحيطاتِ والأنهار ويُعَدُّ من المصادرِ الأساسيَّةِ لتلبيةِ الاحتياجاتِ الغذائيَّةِ كما أنَّه يُستَخدَمُ في العديدِ من الأنشطةِ التجاريةِ والصناعيَّةِ ذاتِ الأهمِّيَّة.
الجانبُ الذي قد يغيبُ عن البعضِ هو أنَّ المِسطَّحاتِ المائيَّةِ تُمثِّلُ بيئةً مثاليَّةً لزراعةِ بعضِ المحاصيلِ حيثُ إنَّ هناكَ أنواعًا مُعيَّنةً من النَّباتاتِ تنمو داخِل البحارِ وعلى ضِفافِ الأنهارِ.
الدور الحيوي للإنتاج السمكي
يُشكل الإنتاج السمكي جزءًا أساسيًا من التنمية الاقتصادية والأمن الغذائي حيث يُسهم في تحسين جودة الحياة ودعم الاقتصاد بعدة طرق مختلفة:
- تُعد الأسماك مصدرًا غنيًا بالأوميغا 3 مما يُساعد في تعزيز وظائف الدماغ ورفع مستوى المناعة وتحسين القدرة على التركيز مما يجعلها غذاءً ضروريًا للبالغين والأطفال على حدٍ سواء.
- يُوفر قطاع الصيد فرص عمل لعدد كبير من الأفراد خاصةً في الدول التي تمتلك سواحل طويلة وثروة بحرية غنية مما يجعله مصدر دخل رئيسي للكثير من المجتمعات المحلية.
- الاستثمار في إنتاج وتربية الأسماك يُعد من القطاعات الواعدة التي تحقق معدلات ربح مرتفعة مقارنة ببعض أنشطة الثروة الحيوانية وذلك بسبب انخفاض تكاليف تربية الأسماك واستدامة مصادرها.
- يُوفر القطاع السمكي العديد من فرص العمل مما يُساعد في تحسين مستوى المعيشة للعاملين فيه ويُساهم بدور أساسي في دعم الاقتصاد المحلي والدولي.
- تتميز الأسماك بقيمتها الغذائية العالية حيث تحتوي على المعادن والفيتامينات والأحماض الأمينية التي تجعلها خيارًا صحيًا يُساعد في الحفاظ على صحة الجسم.
- تلعب الثروة السمكية دورًا بارزًا في تحقيق الأمن الغذائي خاصة في الدول التي تواجه تحديات في توفير مصادر غذائية متنوعة إذ تُعتبر الأسماك مصدرًا متاحًا للبروتين الحيواني الذي يُمكن الاعتماد عليه.
- في بعض الدول مثل الإكوادور يُعتبر الإنتاج السمكي من القطاعات الاقتصادية الأساسية حيث يُشكل مصدرًا مهمًا للدخل القومي فضلًا عن دوره في دعم التجارة الخارجية.
واقع الإنتاج السمكي والزراعي في مصر
- مصر تُصنف في مقدمة الدول الأفريقية ودول حوض البحر المتوسط من حيث الإنتاج الزراعي والسمكي كما تحتل المرتبة العاشرة عالميًا في مجال الاستزراع السمكي مما يؤكد دورها البارز في هذا القطاع.
- اعتمدت الدولة على استغلال الأراضي الصحراوية بصورة مبتكرة لتنفيذ مشاريع الاستزراع التكاملي التي تدمج بين تربية الأسماك وزراعة النباتات بطريقة تحقق الاستفادة القصوى من الموارد المتاحة.
- تعتمد مشروعات الاستزراع السمكي على إعادة استخدام المياه بحيث تُستغل في ري المحاصيل العلفية التي تُستخدم كغذاء للأسماك وبعد ذلك يتم تصريف المياه إلى التربة مما يُحسن من خصوبتها نظرًا لمحتواها الغني بعنصر النيتروجين.
- أكدت الدراسات أن استخدام مياه أحواض تربية الأسماك في الزراعة ساهم في رفع معدل الإنتاج الزراعي بنسبة تصل إلى 30% مما يُعد دليلاً واضحًا على نجاح هذه الطريقة في زيادة الإنتاج وتحسين جودة المحاصيل.
- مصر تُعتبر من بين أكبر الدول المُنتجة للأسماك والتي تقوم بتصدير كميات كبيرة إلى الأسواق العالمية الأمر الذي يُسهم في تحقيق عوائد اقتصادية كبيرة ويدعم التنمية الاقتصادية للدولة من خلال توفير مصادر إضافية للدخل.
الإنتاج السمكي في العالم العربي
على الرغم من امتلاك الدول العربية مساحات بحرية شاسعة وسواحل ممتدة تمتد عبر العديد من البيئات البحرية المختلفة إلا أن الإنتاج السمكي لا يزال أقل من المستوى المتوقع مقارنة بالإمكانات الهائلة المتاحة ويعود ذلك إلى توجيه الاستثمارات نحو قطاعات أخرى بدلاً من تعزيز قطاع الصيد البحري إضافةً إلى التحديات البيئية مثل التلوث وتعديات الصيد الجائر التي تؤثر على استدامة الموارد البحرية مما يؤدي إلى تراجع المخزون السمكي ويحد من القدرة الإنتاجية لهذا القطاع.
تعد موريتانيا من أكثر الدول العربية تنوعًا من حيث الثروة السمكية حيث تتميز مياهها الساحلية بتعدد الأنواع البحرية ومع ذلك فإن الاعتماد على لحوم الماشية كمصدر أساسي للبروتين يفوق استهلاك الأسماك بين السكان مما يجعل الطلب المحلي على المنتجات السمكية أقل مما هو مأمول بالرغم من وفرتها.
