يُعَدُّ النحل من الكائنات الفريدة التي تلعب دورًا بارزًا في التوازن البيئي، حيث يتميز بتنظيمه الدقيق وحركته الدؤوبة فكل نحلة داخل الخلية تؤدي وظيفة محددة لا بد أن تُنفَّذ بإتقان تام وفي حال وُجدت نحلة لا تعمل بالشكل المطلوب أو أظهرت خمولًا يتم استبعادها من الخلية إذ إن الحياة داخل مجتمع النحل تقوم على التعاون والالتزام فكل نحلة تؤدي مهمتها بدقة متناهية وهذا ما يجعل النحل واحدًا من أكثر المجتمعات الحية تنظيمًا وكفاءة وإذا كنت ترغب في التعرف على المزيد من المعلومات عن حياة النحل والتفاصيل المتعلقة به ستجد هنا كل ما تحتاجه.
بحث متكامل عن النحل لطلبة السنة الثانية من المرحلة المتوسطة
يُنشئ النحل مساكنه في الأماكن المرتفعة مثل الأشجار أو بين الجبال، وتُعرف هذه المساكن باسم الخلية، كما ورد في القرآن الكريم: “وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ”.
تعيش في الخلية أعداد هائلة من النحل بشكل منظم ومتعاون إذ تتولى بناء المسكن والحفاظ عليه ويبلغ عددهم عادة ما بين 50 إلى 60 ألف نحلة وفي بعض الحالات قد يصل العدد إلى 80 ألفًا وذلك بحسب حجم الخلية وطبيعة البيئة المحيطة بها.
الحياة الاجتماعية للنحل
عند التعمق في عالم النحل نجد أن حياتهم الاجتماعية تسير وفق نظام دقيق حيث يؤدي كل فرد في الخلية دورًا محددًا مما يضمن استمرارية المجتمع وتكوينه المتماسك إذ تتكون الخلية من عدة أفراد رئيسيين:
الملكة
- تُعَد الملكة العنصر الأهم والأكبر حجمًا في الخلية إذ تمتلك أجنحة متطورة وصدرًا واسعًا وبطنًا أكثر بروزًا مقارنة بباقي أفراد النحل.
- تتمتع بسلطة مطلقة على جميع أفراد الخلية سواء كانوا من الذكور أو الشغالات بفضل إفرازها هرمونات الفيرمونات التي تتحكم في تنظيم شؤون الحياة داخل الخلية.
- تتحمل مسؤولية وضع البيض حيث تمتد دورة حياتها ما بين 5 إلى 6 سنوات وخلال هذه الفترة تستطيع إنتاج ما يزيد عن مليون بيضة.
- قد تصل قدرتها الإنتاجية إلى 1500 – 2500 بيضة في اليوم الواحد مما يسهم في تقوية واستمرارية الخلية.
- يتم تلقيحها بواسطة الذكور داخل الخلية فعند تخصيب البويضات تنتج الشغالات والملكة المستقبلية أما في حال عدم التخصيب فيكون الناتج ذكورًا فقط.
عناصر ذكور النحل ووظائفها داخل الخلية
- الوظيفة الرئيسية لذكور النحل هي إخصاب الملكة لضمان إنتاج بويضات مخصبة مما يعزز استمرارية مستعمرة النحل وزيادة أعدادها.
- نظرًا لعدم امتلاك ذكور النحل الأرجل المتخصصة اللازمة لجمع الرحيق وحبوب اللقاح فهي غير قادرة على إنتاج العسل أو المساهمة في تخزينه.
- خلال فترات التزاوج تتنافس الذكور البالغة للوصول إلى الملكة وعند نجاح أحدها في التزاوج فإنه يفقد حياته مباشرة بعد تفريغ جميع الحيوانات المنوية.
- الشغالات لا تقدم الغذاء للذكور التي لم تتمكن من التزاوج مع الملكة مما يؤدي إلى عزلها عن الخلية وطردها خارجها.
الدور الأساسي للشغالات في خلية النحل
- تُعتبر الشغالات العمود الفقري لخلية النحل حيث تقوم بجميع الأعمال الضرورية التي تضمن بقاء المستعمرة واستمرارها مثل بناء الخلايا السداسية باستخدام الشمع الذي تقوم بإفرازه بنفسها.
- مما يمنح الخلية بنية متماسكة وقوية تقاوم الانهيار كما تمتلك أرجلًا مجهزة بتراكيب خاصة تسهل عليها جمع العسل إضافة إلى مسؤوليتها عن العناية باليرقات وتأمين بيئة آمنة لها وتزويدها بالغذاء المناسب ودعمها.
- ولذلك حتى تصبح قادرة على أداء مسؤولياتها مستقبلاً وتمتلك رأسًا أسود وجسمًا مُغطّى بالشعر ويتراوح طولها بين 9 إلى 20 مليمتر.
- مما يمنحها لياقة كافية لتنفيذ وظائفها المختلفة وتحرص باستمرار على تنظيف الخلية للحفاظ على بيئة صحية مناسبة كما تستغل أجنحتها في تهوية المستعمرة وضبط درجة الحرارة فيها وإذا تعرضت الخلية لأي ضرر أو خدش جراء هجوم أو حادث ما تعمل الشغالات مباشرة على إصلاح التلف وإعادة ترميم الأجزاء المتضررة لضمان استقرار مجتمع النحل بأكمله.
- في بدايات حياتها تعتمد الشغالات على غذاء مماثل لما تتناوله الملكات لكن لفترة محدودة تمتد لعدة أسابيع.
- ثم تبدأ في الاعتماد على العسل والماء ورحيق الأزهار كمصدر رئيسي للطاقة اللازمة لأداء واجباتها كما تتمتع بقدرة فريدة على جمع حبوب اللقاح التي تلتصق بأرجلها وأجزاء من جسمها أثناء تنقلها بين الأزهار وعند عودتها إلى الخلية تفرغ تلك الحبوب داخل السلال الموجودة في أرجلها الخلفية حيث يتم استخدامها في تغذية بقية أفراد المستعمرة.
المهام الموسمية للنحل على مدار العام
خلال العام، يمر النحل بمراحل متعددة تتطلب منه القيام بوظائف محددة للحفاظ على استقرار الخلية وضمان استمرار نشاطها:
- في شهري مارس وأبريل، يبدأ النحل بجمع كميات كافية من الغذاء بعد أن يحل النحل الجديد محل النحل الكبير الذي كان موجودًا خلال فصل الشتاء.
- ما بين مايو ويوليو، تنمو المستعمرة وتصل إلى ذروتها، مما يؤدي إلى تكوين خلايا جديدة للملكات استعدادًا للتوسع وزيادة أعداد النحل.
- في أغسطس وسبتمبر، تبدأ المستعمرة بالاستعداد لموسم البقاء، حيث يتم طرد الذكور من الخلية بينما يركز النحل العامل على العناية الداخلية وتأمين احتياجات الخلية لفصل الشتاء.
- خلال الفترة الممتدة بين أكتوبر وفبراير، يكون الاهتمام الأكبر مُنصبًا على رعاية الملكة والحفاظ على دفء الخلية ومع اقتراب انتهاء الشتاء، تبدأ عملية تربية الحضنة الجديدة لضمان استمرار المستعمرة في النمو والتكاثر.
التصنيفات المختلفة لأنواع النحل
يضم عالم النحل مجموعة واسعة من الأنواع، ولكل نوع منها خصائص تميزه عن غيره سواء من حيث السلوك أو القدرة على إنتاج العسل وفيما يلي مجموعة من أشهر أنواع النحل المنتشرة في مختلف البيئات:
- النحل الجبلي: يُعرف بقدرته العالية على تلقيح الأزهار وإنتاج العسل بكميات وفيرة، مما يجعله من أكثر الأنواع انتشارًا في المناحل ويتميز بأنه خيار مفضل لمربي النحل نظرًا لجودة العسل الذي ينتجه وكفاءته في جمع الرحيق من مسافات بعيدة.
- النحل الفرنسي: يُعرف بطباعه الحادة واستعداده للدفاع عن نفسه عند الشعور بالخطر، مما يجعله أحد أكثر أنواع النحل صعوبة في التعامل ويحتاج إلى خبرة كبيرة في تربيته واتخاذ الاحتياطات اللازمة عند الاقتراب من خلاياه.
- النحل القزم: يُعد من أصغر أنواع النحل حجمًا، حيث لا يتجاوز طوله 2 مليمتر، ويتميز بقدرته على التنقل بسهولة بين الأزهار الصغيرة ويعيش عادةً في البيئات الاستوائية حيث يسهل عليه العثور على الغذاء طوال العام.
- النحل العملاق: يُعتبر الأكبر حجمًا بين أنواع النحل، حيث قد يصل طوله إلى أكثر من 3 سم، ويمتلك قدرة قوية على الطيران لمسافات طويلة ويتميز بقوة بنيته وسرعته في جمع الرحيق مقارنةً بالأنواع الأخرى.
- نحل العرق: يتميز بسلوك فريد حيث ينجذب إلى عرق الإنسان، ويمكن العثور عليه في بيئات متنوعة؛ فمنه أنواع تفضل العيش داخل الأخشاب، وأخرى تحفر جحورها في الأرض وتختلف أنواعه أيضًا من حيث طريقة العيش، فمنها ما يعيش ضمن مستعمرات بنظام ملكي، ومنها ما يفضل الحياة الانفرادية دون الحاجة إلى تجمعات منظمة.
أساليب التواصل التي يعتمدها النحل
يمتلك النحل وسائل متعددة للتواصل داخل الخلية، ولكل منها وظيفة محددة تسهم في تنظيم حياة المستعمرة:
- الرقصة الدائرية. تقوم بها النحلة عند العثور على مصدر غذائي قريب حيث تتحرك بحركات دائرية مميزة لتنبيه بقية أفراد المستعمرة إلى موقع الغذاء.
- الحركة الاهتزازية. تلجأ إليها النحلة عند اكتشاف مصدر غني بالرحيق حيث تبدأ بهز بطنها من جانب لآخر أثناء سيرها في خط مستقيم ثم تنعطف إلى اليسار بحركة قوسية مما يساعد النحل الآخر على تحديد اتجاه ومسافة المصدر الغذائي.
- تقوم الملكة بإصدار أصوات مميزة تشبه أصوات البط عند خروجها من الخلية حيث يساعد هذا الصوت على تنظيم سلوك النحل داخل المستعمرة.
- التواصل الكيميائي. تعتمد عليه الملكة والشغالات لنقل المعلومات حيث تقوم الشغالات بإفراز مواد كيميائية أثناء جمع الرحيق لتوجيه أفراد الخلية نحو مصادر الغذاء كما تفرز الملكة مادة محددة تساعد في تنظيم عمل المستعمرة وتعزيز تماسك أفرادها.