الضوء يُعَدّ من العناصر الأساسية في حياتنا فبدونه لا يمكننا إدراك ما يحيط بنا أو القيام بمهامنا اليومية لذا من الضروري التعرف على طبيعته الموجية وفهم مفهومها بشكل دقيق مع تسليط الضوء على خصائصه وكيفية امتلاكه لطبيعة مزدوجة تجمع بين الموجة والجسيم في الوقت ذاته كما سنلقي نظرة تفصيلية على ألوان الطيف وخصائصها التي تشمل التردد والطول الموجي إلى جانب التطرق إلى كيفية اختلاف الألوان تبعًا لخواصها الموجية وختامًا سيتم الحديث عن نظرية العالم هيجنز وشرح دورها في تفسير الظواهر الضوئية وسلوك الضوء عند تفاعله مع الأوساط المختلفة.
دراسة السلوك الموجي للضوء
- يُعَدُّ الضَّوءُ نوعًا من أنواعِ الطَّاقةِ الَّتي نَتَعَامَلُ مَعَهَا يَوْمِيًّا وهو جزءٌ أَسَاسِيٌّ من الطَّبِيعَةِ المُحِيطةِ بِنَا ويَتَّسِمُ بقدرتهِ على الانتشارِ بِهَيْئَةِ موجاتٍ كهرومغناطيسيةٍ.
- مما يُمَكّنُه مِنَ الانتقالِ عبر الفَرَاغِ وَالفَضَاءِ بِدُونِ الحاجةِ لوسطٍ ماديٍّ وهذا يُفَسّرُ كَيْفَ للضَّوءِ القادمِ مِنَ الشَّمسِ أن يَصِلَ إلى الأَرْضِ رغمَ المَسَافةِ الشّاسِعةِ الّتي تَفْصِلُ بينهما ويظهرُ الضَّوءُ خصائصَ فِيزيائيةً مُميّزةً كالتَّرَاكبِ والتّداخُلِ والحُيودِ وهي المؤثّراتُ الّتي ساعَدتِ العلماءَ في دراسةِ طبيعتهِ وتطبيقاتهِ في مجالاتٍ مختلفةٍ.
تعريف الضوء وخصائصه
الضوء يُعد أحد أشكال الموجات الكهرومغناطيسية التي تستطيع العين البشرية إدراكها ويتميز بأطوال موجية متفاوتة تُصنف ضمن مجال علم البصريات ويتراوح طول موجته بين 400nm و700nm ويُعرف بكونه أحد أشكال الطاقة القادرة على الانتقال عبر الفراغ على الرغم من إجراء العديد من الدراسات والأبحاث العلمية حول طبيعته إلا أنه لا يوجد حتى الآن تعريف موحد ومتفق عليه لوصف الضوء بدقة.
السمات الرئيسية للضوء
يتعرض الضوء لظاهرة التشتت التي تؤدي إلى انفصال ألوان الطيف عن بعضها البعض حيث يمتلك كل لون معامل انكسار خاص به.
الانكسار
- تعد هذه الظاهرة من خواص الضوء التي تؤدي إلى تغيير اتجاه الموجات عند انتقالها من وسط إلى آخر مما يسمح بانتقال الطاقة معها.
- يؤدي ذلك إلى اختلاف ملحوظ في الكثافة يمكن إدراكه بسهولة.
التداخل
- يحدث عندما تصدر موجات من مصدر واحد وتتراكب مع بعضها ويوجد منه نوعان: تداخل بناء وتداخل هدام.
- التداخل الهدام يحدث عندما تلغي إحدى الموجات الموجة الأخرى تمامًا مما يؤدي إلى تكوين موجة ذات مطال صفري.
- أما التداخل البناء فيتم فيه تعزيز الموجات لبعضها البعض وزيادة سعتها.
الحيود والانتشار
- تعد هذه الظاهرة غير مرئية بالعين المجردة بسبب صغر الأطوال الموجية للضوء.
- يمكن ملاحظتها عندما يصطدم الضوء بحاجز معين مما يؤدي إلى انتشاره أو انحنائه حوله.
- يصبح هذا التأثير أكثر وضوحًا عندما تتفاعل الموجات مع عائق فتنحرف مساراتها.
الانعكاس
- في هذه الظاهرة يغير الضوء اتجاهه عندما يصطدم بسطح عاكس ليعود بنفس الزاوية التي جاء منها.
الاستقطاب
- يحدث عند انحصار المجال الكهربائي ضمن مستوى معين بحيث يكون عموديًا على المجال المغناطيسي.
- تتحرك الموجات وفق زوايا محددة تتبع الاتجاه الذي تنتقل فيه.
الازدواجية بين الموجة والجسيم في الضوء
تُعتبَر هذه الخاصية من السمات الفريدة للجسيمات الدقيقة حيث تمنح الضوء القدرة على التصرف أحيانًا كموجة وأحيانًا أخرى كجسيم وذلك بناءً على طوله الموجي فإذا كان طويلًا يتحرك كالموجات وإذا كان قصيرًا يتعامل كجسيمات وقد قام العالم الحسن بن الهيثم الذي يُعدّ رائد علم البصريات بوضع التفسير الصحيح لعملية الإبصار.
عندما يكون التردد منخفضًا والطول الموجي طويلًا والطاقة ضعيفة يُظهِر الضوء سلوكًا موجيًا أما في حال ارتفاع التردد وزيادة الطاقة وقِصر الطول الموجي فإنه يعمل كجسيمات وهذا يُبرز الطبيعة المزدوجة للضوء التي تجمع بين خصائص الموجات والجسيمات في آن واحد.
النظرية الجسيمية في تفسير خصائص الضوء
الجسيم يُعتبر مكونًا أساسيًا في بنية المادة، أما فيما يتعلق بالطبيعة الجزيئية للضوء فيمكن القول إنه يتكوّن من فوتونات، وهي الجسيمات الضوئية التي تُساهم في نقل الطاقة الضوئية الفوتون يُعد جسيماً أولياً دقيق الحجم يحمل مقدارًا من الطاقة الضوئية ولا يمتلك كتلة ولكنه مستقر نسبيًا مما يجعله قادرًا على التفاعل مع المواد الأخرى ونقل طاقته إليها أثناء حدوث التصادم بينه وبين الجسيمات الأخرى.
تفسير هيجنز للموجات الضوئية
طرح العالم هيجنز فكرة أن الضوء يسير من مصدره على هيئة موجات تتشابه مع تلك التي تظهر على سطح الماء عند إلقاء حجر فيه وتعتمد هذه النظرية على مبدأ أن الضوء ينتقل عبر موجات كروية متتابعة يكون منشؤها هو المصدر الضوئي ذاته أما الجزيئات التي تتموضع عند مقدمة هذه الموجات أو على سطحها فتسمى بمقدمة الموجة.
- مبدأ هيجنز يقوم على أساس أن الظواهر البصرية مثل انعكاس الضوء وانكساره بالإضافة إلى التداخل والحيود يمكن تفسيرها من خلال مفهوم الموجات في إطار النظرية الموجية.
- عند بداية انتشار هذه النظرية لاقت معارضة شديدة حيث اعتقد البعض أن الضوء لا يمكن أن يكون موجات وإن كان كذلك فلماذا لا يستطيع البشر رؤية أي انحناءات أو انكسارات له على الرغم من أن الموجات بطبيعتها لديها القابلية على الانثناء والانكسار.
السلوك الموجي لأطياف الضوء
ربما سبق لك أن لاحظت ألوان الطيف أو سمعت عنها وتساءلت عن كيفية ظهورها ومتى يمكن رؤيتها وأين يمكن ملاحظتها يُطلق عليها الطيف المرئي لأنها الجزء الذي تستطيع العين البشرية إدراكه بوضوح وتُعد ظاهرة فيزيائية طبيعية مألوفة تحدث عندما ينكسر الضوء القادم من الشمس وتظهر هذه الألوان مرتبة تبعًا للطول الموجي من الأطول إلى الأقصر.
- يبدأ الطيف باللون الأحمر يليه البرتقالي ثم الأصفر يليه الأخضر ومن ثم الأزرق.
- يأتي بعد ذلك اللون الأزرق النيلي وأخيرًا البنفسجي وتظهر هذه الألوان متخذة شكل قوس أو نصف دائرة.
- جميع هذه الألوان تتحرك بسرعة الضوء.
- وتنتشر في خطوط مستقيمة سواء كانت في الفراغ أو خلال وسط شفاف وأحيانًا وسط غير شفاف.
- تظل السرعة ثابتة في الطبيعة لكن الاختلاف يكون في الأطوال المَوجية الخاصة بهذه الألوان.
تربط الطول المَوجي والتردد علاقة عكسية فكلما زاد الطول المَوجي انخفض التردد والعكس صحيح ويُعد اللون الأحمر الأقل ترددًا والأطول مَوجيًا.
أما اللون البنفسجي فهو على العكس تمامًا إذ يُعد الأقصر طولًا مَوجيًا لكنه الأعلى في التردد وتؤثر الألوان عمومًا على الإنسان نفسيًا وجسديًا فبعضها يظهر بوضوح وسطوع بينما تتسم أخرى بدرجات أكثر هدوءًا.
الغوص في عالم الضوء والطيف يُتيح أمامنا معلومات علمية مثيرة وبعد تناول الطبيعة المَوجية للضوء وخصائصه يمكن القول إن الكون يحمل بين طيّاته العديد من الظواهر التي تحتاج منا إلى اكتشافها والتأمل فيها.
وعلى الرغم من كثرة الأبحاث والدراسات العلمية لا يزال هناك الكثير من الأمور المحيطة بنا التي نملك عنها معرفة محدودة ويبقى الإنسان دائمًا في حاجة إلى التفكر والتدبر في خلق الله سبحانه وتعالى والسعي لاكتشاف كل ما يجذب انتباهه.
