الدعاء يُعتبر من أسمى العبادات التي تُقرّب العبد من ربه وهو دليل على صدق الإيمان بالله عز وجل حين يرفع المسلم يديه إلى السماء مُناجيًا ربه فإنه يُظهر ثقته ويقينه بأن الله وحده القادر على تحقيق أمنياته وتفريج كُرَبِه وقد وعد الله عباده بالإجابة لكل من دعاه بإخلاص وتضرع.
لِنَيل استجابة الدعاء يجب أن يكون خالصًا لوجه الله بعيدًا عن الدعاء بالشر أو الإثم، وقد وردت أدعية كثيرة في القرآن الكريم والسُّنة النبوية يستطيع المسلم الدعاء بها في أي وقت وهناك أدعية خُصِّصت لأوقات معينة ومنها الأدعية التي تُقال أثناء الصلاة ومن بين هذه الأدعية دعاء الخشوع الذي نذكره لكم اليوم.
- دعاء يُعين على الخشوع في الصلاة ويُبعد وساوس الشيطان، النبي ﷺ أرشدنا إلى الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم باعتبارها الوسيلة الأقوى لطرد وساوسه سواء داخل الصلاة أو في أي وقت آخر فإذا تَشَتَّتَ الذهن أثناء الصلاة بفعل وساوس الشيطان يكفي أن يقول المسلم: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» لينصرف عنه ما يَشغَله.
- دعاء لِعَدَمِ السرحان أثناء الصلاة، بعد الانتهاء من كل صلاة يمكن للمسلم أن يدعو قائلًا: {اللهم اغفر لي كل صلاة لا تليق بجلال وجهك.. حضر فيها جسدي وغاب عنها خشوع قلبي..} ، فهذا الدعاء يُعين القلب على التركيز والخشوع في الصلوات القادمة.
- دعاء يُلِين القلب ويُعين على البكاء أثناء الصلاة، اللهم اغفر لي ذنوبي كلها صغيرها وكبيرها ظاهرها وباطنها، اللهم لا تجعل ذنوبي حاجزًا يحول بيني وبين رحمتك لا تحرمني لذة مناجاتك ولا متعة الوقوف بين يديك، يا رب أنت الأعلم بما يختلج في قلبي وتدرك سريرتي فاجعل قلبي خاشعًا عند تلاوة آياتك وتدبر معانيها وافتح لي أبواب رحمتك برحمتك الواسعة يا فتاح يا عليم.
دعاء لزيادة الخشوع في الصلاة
هُناك العديد من الأدعية التي تُعين على تحقيق الخشوع وتعميق الصلة بالله أثناء الصلاة ومن الأدعية المأثورة:
- أستغفر الله أستغفر الله أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام.
- اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
- اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر وعذاب القبر.
- اللهم إني أعوذ بك من الجبن وأعوذ بك أن أُرَدَّ إلى أرذل العمر وأعوذ بك من فتنة الدنيا وأعوذ بك من عذاب القبر.
- لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد.
- لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا حول ولا قوة إلا بالله.
- لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون.
- اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع.
- اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم.
- اللهم إني أسألك يا الله بأنك الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد أن تغفر لي ذنوبي إنك أنت الغفور الرحيم.
- اللهم ربنا لك الحمد أنت قيّم السماوات والأرض ولك الحمد أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد، أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن أنت الحق وقولك الحق ووعدك الحق ولقاؤك الحق والجنة حق والنار حق والساعة حق.
- اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك خاصمت وبك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني لا إله إلا أنت.
كيفية تحقيق الخشوع أثناء الصلاة
قبل الحديث عن دعاء الخشوع في الصلاة من المهم أن ندرك كيفية تحقيق الخشوع فيها فالصلاة ليست مجرد كلمات تُتلى أو حركات تُؤدى، بل هي رابطة وثيقة بين العبد وربه وهي الركيزة الأساسية التي يقوم عليها الدين الإسلامي فقد فرضها الله سبحانه وتعالى على المسلمين ولا يكون الإسلام كاملًا إلا بإقامتها كما أمر الله بخشوع وحضور قلب لينال العبد أجرها الكامل وتكون مقبولة عند الله عز وجل.
الخشوع في الصلاة يعني أن يؤدي المسلم صلاته وهو مُقبل على الله بجوارحه وقلبه مبتعدًا عن مشاغل الدنيا واضطراباتها مستشعرًا عظمة الله ورحمته وقدرته، فيتذلل بين يديه ويدرك مدى ضعفه أمام الله فالصلاة ليست مجرد ترديد كلمات أو تنفيذ حركات بل يجب أن يصاحبها حضور قلب وتفاعل روحي حقيقي مع الله.
الخشوع في الصلاة ليس مجرد فضيلة يمكن الاستغناء عنها بل هو أمر واجب على كل مسلم فأي صلاة تُؤدى بدون خشوع وتحضر قلبي تكون ناقصة الأجر وربما يُحرم صاحبها من ثواب كامل فقد يؤدي المسلم الصلاة ولكن تكون مجرد عادة يومية بلا تأثير روحي، لذا فإن السعي إلى تحقيق الخشوع أمر ينبغي العناية به ويمكن الوصول إليه بمراعاة بعض الأمور التي تساعد على تحقيقه.
العوامل المؤدية إلى الخشوع في الصلاة
هناك العديد من العوامل التي تُساعد على تحقيق الخشوع أثناء الصلاة ويحرص المسلم على الالتزام بها ليصل إلى أعلى درجات التركيز والسكينة خلال صلاته ومن بين هذه العوامل ما يلي:
- الإيمان العميق بعظمة الله جل وعلا واليقين الكامل بقدرته وسعة علمه مع استحضار مراقبته الدائمة لأفعال العباد مما يُعين على التذلل والخضوع أثناء أداء الصلاة.
- الوعي بأهمية الصلاة ومكانتها العظيمة باعتبارها صلة بين العبد وربه والشعور بجلال اللحظة التي يقف فيها المصلي بين يدي الله يناجيه ويدعوه.
- الارتباط الروحي بالصلاة والاستعداد لها نفسيًا وجسديًا مما يُساهم في تأديتها بكامل الطمأنينة والسكينة وبالطريقة التي تحقق مقاصدها.
- الإلمام بأحكام الصلاة وشروطها وما يُبطلها لأن إدراك الأحكام يُمكن المسلم من أدائها على الوجه الصحيح دون تقصير أو إخلال.
- تجنب أي مصدر قد يُسبب التشتت أثناء الصلاة واختيار مكان هادئ خالٍ من الضوضاء ليساعد المصلي على التركيز الكامل والانشغال بالذكر والتدبر.
- التكبير في بداية الصلاة ينبغي أن يكون مقرونًا باستشعار عظمة الله فعندما يقول المصلي “الله أكبر” عليه أن يستحضر المعنى العميق لهذه الكلمة ليبدأ صلاته بخشوع وإخلاص.
- دعاء الاستفتاح ينبغي أن يُقال بتدبر عميق لكلماته فهو المفتاح الذي يُعين القلب والعقل على الدخول في أجواء الصلاة بصفاء وخشوع.
- التجويد الحسن أثناء تلاوة القرآن الكريم أثناء الصلاة مع التركيز على فهم معاني الآيات والتأمل فيها لأن تدبر كلام الله يؤدي إلى حضور القلب وزيادة التأثر.
- الركوع والسجود يجب أن يكونا في غاية الخضوع لله عز وجل مع استشعار الافتقار إلى رحمته وفضله فهذه اللحظات تُعد من أعظم أوقات القرب بين العبد وربه.
- التشهد ينبغي أن يكون نابعًا من القلب وليس مجرد ترديد لكلمات محفوظة بحيث يستشعر المصلي معاني التشهد أثناء قراءته.
- تصفية الذهن من كل شواغل الدنيا قبل البدء في الصلاة لأن إفراغ القلب من الهموم والمشاغل يساعد المصلي على التركيز الكامل في مناجاة الله.
- المحافظة على أداء النوافل فهي وسيلة لزيادة القرب من الله وتعميق الإحساس بالخشوع أثناء تأدية الصلوات المفروضة.
