الرَحمَة تَحملُ في مَعانيها اللّطف والعَطف والمَودّة وتَمُتدُ إلى شُؤون حَياة الإنسان مُتَجسّدةً في تَيسير الأُمور وَرفع الضّرر وَإحاطة العَبد بِرعاية الله وَكرَمه ، فَهِي نِعمةٌ إلهيّة واسِعة يَشمل بها الله عِباده سَواء بِالمَغفرة أو التوفيق أو التخفيف عَنهم في أوقات الصّعوبات وَتَذليل العقبات أمامهم بِطرقٍ لا يَتصوّرُها العقل، فَرَحمة الله وَاسعة تَغشى كلَّ شَيء وَيَمتد أثرُها فِي الحَياة اليَوميّة حينما تَسودُ بَين الناس أخلاقُ التّسامح وَالتّراحم وَالمحبة.
بمَا أنَّ الرّحمة صِفةٌ عَظيمةٌ مِنْ صِفاتِ الله عَزّ وَجلّ فَإنَّه مِنَ المَحبب دَائمًا أنْ يَلجأ الإنسان إلى الله بِالدّعاء طَالبًا مِنْهُ أنْ يَشملهُ بِنفسِه وَهذا دُعَاء الرحمة الّذِي يُمكنُ لأيّ شَخصٍ أَنْ يَردده فِي كُلِّ وَقتٍ بِنِيّة نَيل فَضلِ الله وَعطْفِهِ:
الدعاء بالرحمة للميت
- اللهم اغفر له وارحمه ووسع مدخله وأسكنه فسيح جناتك، اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة وأنِر له فيه بنور رحمتك، اللهم اغفر له ولجميع موتى المسلمين وارفع درجتهم في عليين وتجاوز عن سيئاتهم فإنك أنت العفو الغفور الرحيم يا ذا الجلال والإكرام.
- يا حي يا قيوم يا رحمن الدنيا والآخرة نسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر ذنوبنا وتستر عيوبنا، اللهم اجعلنا من أهل المغفرة والرحمة وأظلنا بظلك يوم لا ظل إلا ظلك، اللهم اجبر كسر قلوب من فقدوا أحباءهم ورزقهم الصبر والسلوان واملأ قلوبهم بالطمأنينة والرضا.
- اللهم يا رحيم يا ودود أنت الملجأ والمستعان لا رب لنا سواك ولا رجاء لنا إلا بك نسألك أن تغمرنا جميعًا بعفوك، اللهم اجعلنا من المقبولين لديك واهدنا إلى طريق الحق والصواب ووفقنا لما تحبه وترضاه، اللهم ارزقنا حسن الخاتمة وأكرمنا بلذة النظر إلى وجهك الكريم.
- اللهم اغفر لنا ولأهلنا وأحبتنا وارحم ضعفنا وقلة حيلتنا، يارب اكشف عنا الغم وادفع عنا البلاء وأبدل أحوالنا إلى أحسن حال، اللهم اجعل السعادة تغمر قلوبنا واملأ حياتنا بالرضا وأرزقنا السكينة في كل أمورنا.
دعاء مستجاب للرحمة والمغفرة
- اللهم يا بديع السماوات والأرض ويا من يعلم خفايا النفوس ويدرك ما تخفيه القلوب أشهدك وأشهد ملائكتك أني أؤمن أنك أنت الله الواحد الأحد لا شريك لك وأن محمدًا عبدك ونبيك ، أسألك يا رب ألا تكلني إلى نفسي طرفة عين فإن النفس أمّارة بالسوء وأدعوك أن تنير طريقي وترشدني إلى الخير فأنا لا ألجأ إلا إليك يا رحيم فاكتب لي في صحائفك عهدًا تحفظه لي ليوم اللقاء فإنك لا تخلف الميعاد.
- يا واسع الرحمة ويا ذا الجود والكرم ويا من ترى مواضع الضعف في نفوسنا أسألك العفو والمغفرة، اللهم اغفر لي اللهم اغفر لي اللهم اغفر لي، اللهم إني أتوسل إليك بأسمائك الحسنى وبعظيم عفوك وبسعة كرمك أن تغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر وتتجاوز عن زلاتي وتشمل بفضلك ورضوانك والديّ وجميع المسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات.
- اللهم يا من تنظر إلى قلبي وتعلم ما يحزنني وما يفرحني أسأل أن تقر عيني بالسكينة وتسكن روحي بالطمأنينة وتنير دربي بالهداية، يا رب أسألك وأنت الكريم الذي لا حدود لعطائه أن تنعم عليَّ بعفوك وأن تغسل خطاياي برحمتك الواسعة وترزقني من فيض كرمك يا أرحم الراحمين ويا أكرم الأكرمين.
أدعية قصيرة للمغفرة والرحمة
اللهم اغفر له وارحمه واجعله من الذين يُبشَّرون بروح وريحان ورب راض غير غضبان، اللهم اجعل قبره في نور وسكينة واملأه برحمتك وكرمك، اللهم أنزل عليه رحمة من عندك تشرح بها صدره وتؤنس بها وحشته و ، اللهم وسِّع مدخله واجعل الجنة مستقرًا له ومأوى و اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنه وعن جميع موتى المسلمين، اللهم نوِّر مرقدهم ووسع عليهم قبورهم واجعلها روضة من رياض الجنة واغفر لهم مغفرة تامة تغنيهم بها عن رحمة من سواك ، اللهم اجعل أرواحهم منعَّمة في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، اللهم اجعل لهم نصيبًا من رحمتك التي وسعت كل شيء واغفر لنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه.
دلائل رحمة الله بعباده
رَحْمَةُ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بعبادهِ لا تُحَدّ وَمِنْ أَعْظَمِ البراهينِ عَلَى سَعَةِ رَحْمَتِهِ أَنَّهُ بَعَثَ الرُّسُلَ وَالْأَنْبِيَاءَ لِيُرْشِدُوا النَّاسَ إِلَى الطَّرِيقِ المُسْتَقِيمِ حَتَّى يَنَالُوا الجَنَّةِ الَّتِي أَعَدَّهَا لَهُمْ فَلَوْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ جَمِيعًا لَمَا أَرْسَلَ إِلَيْهِم مَن يُحَذِّرُهُم وَيُوَجِّهُهُم.
- الرُّسُلُ وَالْأَنْبِيَاءُ
مِنْ كَمَالِ رَحْمَةِ اللهِ بِعِبَادِهِ أَنَّهُ أَرْسَلَ إِلَيْهِم رُسُلًا يُبَشِّرُونَهُمْ وَيُنْذِرُونَهُمْ فَلَمْ يَتْرُكِ الْإِنْسَانَ بِلَا هِدَايَةٍ وَلَا دَلِيلٍ، بَلْ أَنْزَلَ عَلَيْهِم الكُتُبَ وَأَيَّدَهُم بِالْمُعْجِزَاتِ لِتَكُونَ دَلِيلًا عَلَى صِدْقِهِم فَاهْتَدَى مَنْ آمَنَ وَضَلَّ مَنْ أَعْرَض وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يُغْلِقْ بَابَ التَّوْبَةِ فِي وَجْهِ مَنْ أَذْنَبَ فَيُمْكِنُ لِأَيِّ شَخْصٍ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرَهُ فَيَجِدَ بَابَ الرَّحْمَةِ مَفْتُوحًا أَمَامَهُ.
وَأَكَّدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الرَّحْمَةَ الْإِلَهِيَّةَ هِيَ السَّبَبُ الرَّئِيسِيُّ لِدُخُولِ الْجَنَّةِ فَلَيْسَتِ الْأَعْمَالُ وَحْدَهَا مَا يُدْخِلُ الْإِنْسَانَ الْجَنَّةَ، وَلَوْ تَأَمَّلْنَا فِي نِعَمِ اللهِ عَلَى الْإِنْسَانِ لَوَجَدْنَا أَنَّهَا لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى فَنِعْمَةُ وَاحِدَةٌ مِنْهَا كَالْبَصَرِ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُجَازِيَهَا الْإِنْسَانُ بِعَمَلِهِ وَحْدَهُ فَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ وَرَحْمَتُهُ مَا نَالَ أَحَدٌ الثَّوَابَ وَالْجِزَاءَ الْحَسَنَ.
- القُرْآنُ الكَرِيمُ
وَمِنْ أَوْضَحِ مَظَاهِرِ رَحْمَةِ اللهِ أَنَّهُ أَنْزَلَ الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ لِيَكُونَ مَصْدَرَ الهِدَايَةِ وَالنُّورِ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَمْ يَتْرُكْهُم فِي حَيْرَةٍ أَو ضَلَالٍ، بَلْ جَعَلَ لَهُمْ مِنْهَجًا وَاضِحًا يَنْظِمُ حَيَاتَهُمْ وَيُلَبِّي احْتِيَاجَاتِهِم وَيُبَيِّنُ لَهُم حُقُوقَهُم وَوَاجِبَاتِهِم فَكَانَ نِعْمَةً مِنَ اللهِ وَرَحْمَةً عَظِيمَةً بِهِم تَضْمَنُ لَهُم العَدْلَ وَالمُسَاوَاةَ وَالحَيَاةَ الكَرِيمَةَ التِي تَسُودُهَا الطُّمَأْنِينَةُ وَالاسْتِقْرَار.
مظاهر رحمة الله سبحانه وتعالى
- الذرية الصالحة
مِن أعظم النِّعَم التي يَمنحُها الله لعباده أن يرزقَهُم الذُّريَّة الصالحة فهي زينة الحياة الدنيا ومصدر فرح وسعادة للوالدين، كما أنَّها مِن أسباب استمرار الحَسَنات بعد وفاة الإنسان فالابن الصالح الذي يدعو لوالديه ويعمل الأعمال الصالحة التي يُهدِي ثوابَها إليهما يكون سببًا في رفع درجاتِهم في الآخرة، وهذا مِن رحمة الله بعباده أن يجعل لهم امتدادًا بعد رحيلهم يَنفعُهم في دنياهم وأخراهم فيكون الأبناء الصالحون سَكينةً للوالدين في حياتهم وسَببًا في نَيلهم الأجرَ بعد الممات.
- تعاقب الليل والنهار
مِن رحمة الله بعباده أن جعل الليل وقتًا للسكون والراحة ليستعيد الإنسان نشاطَه بعد عناء النهار ثم يأتي النهار ليكون وقتًا للسعي والعمل وطلب الرزق ، فلو كان الزمن كله نهارًا لما وجد الجسد فرصة للراحة ولو كان كله ليلًا لتعطلت أسباب الحياة ولما وجد الإنسان سبيلاً للرزق والمعاش لكنَّ الله بحكمته جعل التوازن في الكون فكان لكل وقتٍ وظيفتُهُ التي تُلبِّي حاجة الإنسان وتُحقق استقراره.
- نزول المطر
المطر من أعظم الأدلة على رحمة الله بعباده فهو سبب في إحياء الأرض بعد جفافها فتَنبُت النباتات ويَكثُر الخير ويَجد الإنسان والحيوان ما يقتاتُ به ولولا رحمة الله بإنزال الغيث لهلكت المخلوقات بسبب قلة الماء ومن رحمته أنه يُنزله بقدر وقتما تحتاجه الأرض ليستمرَّ نظام الحياة دون خلل، وهذا تَجَلِّي واضح لرحمة الله التي وسِعت كلَّ شيء فجعل الماء سر الحياة وأسبغ نعمة الغيث على خلقه في الأوقات التي يُقدِّرها بحكمته.
- صلة الرحم
مِن رحمة الله بعباده أن جعل صِلة الرحِم سببًا في البركة في العمر وزيادة الرزق فهي بابٌ مِن أبواب الخير التي يُحبُّها الله لما لها مِن أثر في تقوية التلاحم بين الأقارب وزيادة الألفة والمَحبَّة بينهم، كما أنَّها سبب في نَيل المغفرة والرضوان فالمُحافظ على هذه الصلة يَنال الخير في دنياه وآخرته وقد وَعد الله مَن يَصل رَحِمه بالبركة في كلِّ أمر مِن أمور حياته فجعلها رحمةً عظيمةً يَنعكِسُ أثرها على الفرد والمجتمع.