الدعاء يُعتبر من أسمى العبادات التي تُعبّر عن عمق العلاقة بين العبد وربه من خلاله يستعين الإنسان بالقوة التي يمنحها الله لمواجهة تحديات الحياة وصعوباتها يُرفع المرء يديه إلى خالق السماوات والأرض بإيمان ويقين كبيرين لطلب العون والرحمة من الذي بيده كل شيء وبهذا الاتصال العظيم يجد المؤمن مصدرًا دائمًا لا ينتهي من الرحمة والقوة كما أن الدعاء يعزز الإحساس بالطمأنينة في قلب المؤمن ويجعله يستمد عزيمته وصموده من خالقه القريب المجيب فلا يضع المؤمن حاجته إلا بين يدي الله الذي لا يُرد السائلين.
- اللهم يا واسع الرحمة ويا عظيم المغفرة إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا واغفر ذنوبنا كلها ما تقدم منها وما تأخر واملأ قلوبنا بالرحمة والإيمان واغمرنا بعطائك الذي لا ينتهي يا أرحم الراحمين.
- اللَّهُمَّ اجعل شهر رمضان محطة خير وبركة لنا ولأحبابنا يا ربنا الكريم يا عزيز يا غفور اجعل هذا الشهر الفضيل صفحة جديدة تنير حياتنا واجعلنا وأهلنا من عتقائك من النار واغفر لنا زلاتنا واجعلنا من المقبولين.
- اللهم اغفر لي ذنوبي الماضية وما سأقدِمُ عليه من الخطايا واجعلني من عبادك الصالحين الذين سلموا من فتن الدنيا وافتنهم بحب طاعتك واغنهم بفضلك عن معصيتك وحمنا اللهم من شر أنفسنا ومن عواقب أعمالنا واغمُرنا بالسكينة تحت ظل رحمتك.
- اللهم اجعلنا من الذين شملتهم رحمتك وكتبتهم في عتقائك من النار في هذا الشهر المبارك اللهم اعتق رقابنا وأحبتنا وجميع المسلمين من لهيب النار اللهم يا كريم يا عزيز اغفر زلاتنا وضعفنا وعاملنا برحمتك التي وسعت كل شيء يا عظيم المنان اللهم نسألك نورًا يملأ قلوبنا وحبًا يقرّبنا إليك واجعلنا من الذين أنعمت عليهم بصلاح أعمالهم وارزقنا الجنة ونجنا من عذاب جهنم وهي قاسية المُقام والمستقر واغمرنا بفضلك يا الله.
دعاء عتق الرقاب في رمضان
شهر رمضان المبارك يُعتبر واحدًا من أعظم الفرص التي يحرص المسلمون على استغلالها للتقرب من الله عز وجل من خلال الدعاء والعمل الصالح فهو شهر تتجلى فيه البركة والخير وتتضاعف فيه الحسنات ويُقسم هذا الشهر المبارك إلى ثلاث مراحل الأولى هي رحمة والأوسط مغفرة والأخيرة هي العتق من النار ولهذا السبب تجد الكثير من المسلمين يحرصون على ترديد الأدعية التي أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم لما تحمله من معانٍ عميقة تزيد القُرب من الله سبحانه وتعالى ومن أبرز هذه الأدعية الواردة في العتق من النار:
- اللهم اقسم لنا من خشيتِك ما يحولُ بيننا وبين معاصيكَ ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما يهون علينا مصيبات الدنيا ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا.
- وكذلك يُدعَى «اللهم إني أسألُك العفوَ والعافيةَ في الدنيا والآخرة اللهم إني أسألُك العفوَ والعافيةَ في ديني ودنياي وأهلي ومالي اللهم استُر عوراتي وآمِن روعاتي واحفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بك أن أُغْتَالَ من تحتي».
- ومن الأدعية الجميلة أيضًا «اللهم رَبَّ السَّمَوَاتِ وَرَبَّ الأرْضِ وَرَبَّ العَرْشِ العَظِيمِ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شيءٍ فَالِقَ الحَبِّ وَالنَّوَى وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ أَعُوذُ بكَ مِن شَرِّ كُلِّ شيءٍ أَنْتَ آخِذٌ بنَاصِيَتِهِ اللَّهُمَّ أَنْتَ الأوَّلُ فليسَ قَبْلَكَ شيءٌ وَأَنْتَ الآخِرُ فليسَ بَعْدَكَ شيءٌ وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فليسَ فَوْقَكَ شيءٌ وَأَنْتَ البَاطِنُ فليسَ دُونَكَ شيءٌ اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنَ الفَقْرِ».
- وأيضًا نجد من الأدعية المهمة «اللهم مالكَ الملكِ تُؤتي الملكَ مَن تشاءُ وتنزعُ الملكَ ممن تشاءُ وتُعِزُّ مَن تشاءُ وتذِلُّ مَن تشاءُ بيدِك الخيرُ إنك على كلِّ شيءٍ قديرٌ رحمنُ الدنيا والآخرةِ ورحيمُهما تعطيهما من تشاءُ وتمنعُ منهما من تشاءُ ارحمْني رحمةً تُغنيني بها عن رحمةِ مَن سواك».
- ومن أروع الأدعية التي يمكن ترديدها في هذه الأيام العظيمة «اللهم استرنا فوق الأرض واسترنا تحت الأرض واسترنا يوم العرض اللّهم اشف مرضانا ومرضى المسلمين وارحم موتانا وموتى المسلمين واقض حوائجنا وحوائج السائلين اللّهم تولّ أمورنا وفرج همومنا واكشف كروبنا اللّهم إنّك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا».
- وهناك دعاء آخر جامع للخيرات وهو «اللهم إني أسألُكَ مِنَ الخيرِ كلِّهِ عَاجِلِه وآجِلِه ما عَلِمْتُ مِنْهُ وما لمْ أَعْلمْ وأعوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كلِّهِ عَاجِلِه وآجِلِه ما عَلِمْتُ مِنْهُ وما لمْ أَعْلمْ اللهمَّ إنِّي أسألُكَ من خَيْرِ ما سألَكَ مِنْهُ عَبْدُكَ ونَبِيُّكَ وأعوذُ بِكَ من شرِّ ما عَاذَ بهِ عَبْدُكَ ونَبِيُّكَ اللهمَّ إنِّي أسألُكَ الجنةَ وما قَرَّبَ إليها من قَوْلٍ أوْ عَمَلٍ وأعوذُ بِكَ مِنَ النارِ وما قَرَّبَ إليها من قَوْلٍ أوْ عَمَلٍ وأسألُكَ أنْ تَجْعَلَ كلَّ قَضَاءٍ قَضَيْتَهُ لي خيرًا».
دعاء العتق من النار في شهر رمضان لعام 1446 هجري
النبي صلى الله عليه وسلم دعا المسلمين للتمسك بالأدعية التي تحمل معاني الرجاء والخشوع خاصة في العشر الأواخر من شهر رمضان التي تحمل بين لياليها ليلة عظيمة هي خير من ألف شهر وحثنا فيها على التقرب إلى الله بالدعاء والعبادة ومن الأدعية النبوية المباركة التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم:
«اللهم اجعلنا من الذين يردون حوض نبيك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، واحشرنا تحت لوائه، وأكرمنا بشفاعته، واسقنا من يده الشريفة شربة لا نظمأ بعدها أبدًا، ووقنا يا رب من عذاب النار، إنا سمعنا داعيك ينادي للإيمان في شهر الرحمة والمغفرة فآمنا بك ربنا واستجبنا لدعوتك، وآمنا برسولك نبيًا ورسولًا».
«ربنا اغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وطهرنا من كل دنس كما يُطهّر الثوب الأبيض من الدنس، وأدخِلنا برحماتك في عبادك الصالحين ربنا أوفِ لنا وعدك الذي وعدتنا به عن طريق رسلك الأطهار، واجعلنا ممن يفوزون في يوم القيامة ولا يجعلهم خاسرين يا ربنا اجعل رحمتك تشملنا وأمة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، واغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات يا واسع العطاء ومجيب الدعاء».
- ومن أدعية الرحمة والنجاة: «اللهم يا أرحم من كل راحم، ويا من وسعت رحمته كل شيء نسألك يا من تنقذ عبادك من الظلام وتجبر كسر المحتاجين أن تحفظنا وذوينا من عذاب النار، اللهم اجعل نار جهنم بعيدة عنا وعن كل من نحب واجعل حياتنا مليئة برضاك وفضلك وتقبل منا صيامنا وقيامنا وأعمالنا التي اجتهدنا بها خالصة لوجهك الكريم، واغفر لنا ما مضى من ذنوبنا وما قصرنا فيه من حسنات، إنك غفور رحيم».
- ومن الأدعية التي تهز القلوب: «اللهم نسألك أن تعتق رقابنا من النار، ورقاب آبائنا وأمهاتنا وأهلنا وأصدقائنا من النار، واجعلنا ممن تشملهم رحمتك وتعتقهم في هذا الشهر المبارك اللهم نحن عبادك الذين نسينا أحيانًا وضعفنا أحيانًا ولكننا لم نعصِك استهانة أو تكبرًا، فنسألك بقلب منكسر وبروح عاجزة أن تعيننا، وتغفر لنا وترحم ضعفنا وتلطف بنا، فنحن لا نجد لنا سندًا غيرك ولا شفيعًا إلاك».
- ومن الدعاء الذي يحمل وعد الله الحق: «اللهم إنك قلت في كتابك الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه: قُل يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ نسألك اللهم وأنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، أن تغفر لنا ذنوبنا وتقربنا إليك وتعتق رقابنا من النار وأن تجعلنا من عبادك الصالحين الذين يفوزون بجنتك ويرضون بقربك، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين».
دعاء الليالي الأخيرة من شهر رمضان
تُعدُّ الليالي الأخيرة من شهر رمضان من أعظم ليالي العام لما تحمله من نفحات إيمانية ورحمة إلهية يُفيضها الله سبحانه وتعالى على عباده وفيها فضل كبير يشمل ليلة القدر التي قال الله عنها في كتابه العزيز: “لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ” ولا يُعرف على وجه التحديد أي ليلة تكون لذا يجب على المسلم أن يغتنم كل الليالي الأخيرة بالإقبال على العبادات من صلاة وذكر ودعاء طمعًا في نيل الأجر والثواب العظيم ومن أهم الأدعية التي يُستحب الدعاء بها في هذه الليالي الفضيلة.
- «من قال حين يصبح أو يمسي»: اللهمَّ إني أصبحتُ أُشهدكَ وأشهدُ حملةَ عرشِك وملائكتَك وجميعَ خلقِك أنك أنت اللهُ لا إله إلا أنت وأنَّ محمدًا عبدُك ورسولُك أعتقَ اللهُ ربعَه من النَّارِ ومن قالها مرتين أعتق الله نصفه ومن قالها ثلاثًا أعتق الله ثلاثة أرباعه وإن قالها أربعًا أعتقه الله من النَّارِ»، حيث أن هذا الدعاء يحمل في طياته نعمة العتق من النار التي يتمنى كل مسلم أن ينالها وخصوصًا في شهر الرحمة والمغفرة وقد ورد هذا الحديث عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي ﷺ وهو مثبت في سنن أبي داود مما يزيد من قيمته وضرورة التمسك به والحرص على تكراره.
- دعاء ليلة القدر: عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنها سألت النبي ﷺ عن الدعاء الذي يمكن للمسلم أن يدعو به في ليلة القدر فقال لها: «اللَّهمَّ إنَّك عفُوٌّ كريمٌ تُحِبُّ العفْوَ فاعْفُ عنِّي» وفي هذا الدعاء يُبرز النبي ﷺ مدى حب الله للعفو وكريم صَفْحه عن عباده مما يُحث المسلمون على الإكثار من هذا الدعاء في العشر الأواخر بقلوب مليئة بالإيمان واليقين بطلب الرحمة والمغفرة من الله.
- «اللهم لا تجعلنا من الخاسرين في رمضان»: واجعلنا من أهل عفوك ورحمتك وممن رزقتهم العتق من النار في هذا الشهر الفضيل وأسألك يا واسع المغفرة أن تمنحنا فضل هذه الليلة المباركة وأن تجعل قيامنا فيها مقبولًا وذنوبنا مغفورة وتغمرنا من كرم فضلك ورحمتك اقتداءً بما جاء في فضلها عن النبي ﷺيدل هذا الدعاء تقدمه المسلم طامحًا لتحقيق رضا الله وتيسير أموره ومغفرته وكذلك نيل بركة ليلة القدر وعفو الله العظيم.
الأسباب المؤدية إلى العتق من النار في العشر الأواخر من رمضان
أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن الله سبحانه وتعالى يقوم بعتق رقاب بعض عباده من النار كل يوم وليلة في شهر رمضان العظيم وكل مسلم يملك دعوة مضمونة الإجابة في كل يوم وليلة منه ومع دخول العشر الأواخر تأتي لحظات تُغمر بفيض من فضل هذا الشهر حيث تتسع أبواب الرحمات والإجابة بشكل أكبر وهناك بعض الأعمال التي قد ترفع من فرصة استجابة الدعاء في الأيام المباركة:
- يُشترط أن يكون الإنسان صادقًا في دعائه وأن يحرص على أن يكون قلبه خاليًا من الغل أو الحقد على الآخرين كما يجب عليه أن يكون متسامحًا مع من حوله.
- الالتزام بأداء صلاة الفجر والعصر في وقتها المحدد لأن لهاتين الصلاتين مكانة عظيمة وثقلاً كبيرًا في ميزان الحسنات.
- الاستمرار على أداء السنن الرواتب قبل وبعد صلاة الظهر حيث تعمل هذه السنن على تكملة ما قد ينقص من الفرائض وتعزيز الأجر والثواب.
- الحرص على الخشوع التام في كل صلاة بحيث يكون القلب حاضرًا والجوارح خاشعة لله مع الإخلاص التام في كل عمل والاجتهاد في تلاوة القرآن بتفكر وتأمل في معانيه الجليلة والعيش مع نصوصه العظيمة.
هذه الأيام تتمتع بخصوصية وبركات عظيمة حيث يبرز فيها فضل الدعاء وعبادة الله بكل جوانبها إذ تُعد أيام رحمة ومغفرة وعتق لذلك يجب أن يستغل المسلم كل لحظة فيها بدعاء الله سبحانه وتعالى طالبًا رضاه وجنّته والعتق من نيرانه.
العشر الأواخر من رمضان هي محطة إيمانية لا تتكرر إلا مرة واحدة في كل عام ويجب على كل مسلم أن يوليها أهمية قصوى فقد بيّن لنا الرسول صلى الله عليه وسلم من خلال حديث السيدة عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم إذا دخلت العشر الأواخر اجتهد في طاعته وقام الليل وحرص على إيقاظ أهله ليغتنموا هذه الفرصة في الطاعة مما يظهر لنا مدى عظم هذا الوقت وحاجة المسلمين إلى الاجتهاد فيه.
