عند دخول المدينة المنورة يُستحب للزائر أن يبدأ بالدعاء ومن السنن المأثورة بعد زيارة المسجد النبوي أن يتوجه إلى مقبرة البقيع لإلقاء السلام على أهلها من الصحابة والتابعين والدعاء لهم ثم الانتقال إلى موقع شهداء غزوة أُحد والترحم عليهم وبعد ذلك يُمكن زيارة قبر عمّ النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء له وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يحرصون على القيام بهذه الأعمال عند زيارتهم للمدينة المنورة اتباعًا لهدي النبي عليه الصلاة والسلام.
دعاء مستجاب عند دخول المدينة المنورة
حينما هاجر النبي ﷺ إلى المدينة المنورة وجد أهلها من الأنصار قد فتحوا قلوبهم وبيوتهم للمهاجرين فآووهم وتقاسموا معهم كل ما يملكون فكانت المدينة الحضن الدافئ الذي احتضن المسلمين في أصعب أوقاتهم ولهذا كان النبي ﷺ يدعو لأهلها بهذا الدعاء كلما دخلها:
- اللهمَّ بارِكْ لِأهلِ المدينةِ في مدينَتِهم، وبارِكْ لهم في صاعِهم وبارِكْ لهم في مُدِّهم اللهمَّ إنَّ إبراهيمَ عبدُك وخليلُك وإنِّي عبدُك ورسولُك وإنَّ إبراهيمَ سأَلَكَ لِأهلِ مكَّةَ وإنِّي أسألُكَ لِأهلِ المدينةِ كما سأَلَكَ إبراهيمُ لِأهلِ مكَّةَ ومِثْلَه معه إنَّ المدينةَ مُشبَّكةٌ بالملائكةِ على كلِّ نَقْبٍ منها مَلَكانِ يَحرُسانِها لا يَدخُلُها الطاعونُ ولا الدجَّالُ مَن أرادها بسُوءٍ أذابَه اللهُ كما يَذوبُ المِلحُ في الماءِ) – الراوي: أبو هريرة.
الضوابط الشرعية وآداب زيارة المدينة المنورة
تحمل المدينة المنورة مكانة عظيمة في نفوس المسلمين، فهي دار هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ومهوى أفئدة المؤمنين، يتوق إليها القلب قبل أن تطأها القدم، لذا فمن الضروري أن يتحرى الزائر الآداب والضوابط الشرعية التي تليق بالمقام الجليل، سواء في أقواله أو أفعاله، حتى تكون زيارته مباركة ومقبولة ومن الضوابط والآداب التي يُستحب الالتزام بها عند دخول هذه البقعة الطاهرة:
- من السنة أن يحرص المسلم على الاغتسال قبل دخول المدينة المنورة، وذلك تعظيمًا للمكان وتوقيرًا لقدسيته.
- يُستحب لمن استطاع أن يخلع نعاله عند دخول الحرم النبوي، فإذا تيسر له ذلك دون مشقة، فإنه من علامات التواضع واستشعار حرمة المكان.
- يُشترط أن يكون اللباس طاهرًا ونظيفًا خاليًا من أي نجاسة فمن آداب الدخول إلى هذا المكان المبارك أن يكون الزائر في هيئة حسنة تليق بقدسية الحرم النبوي.
- ينبغي أن يكون الداخل إلى المدينة المنورة حاضر القلب، خاشع النفس، مستشعرًا لعظمتها، قاصدًا بزيارته التقرب إلى الله وطلب مرضاته دون أي غاية أخرى.
نص دعاء دخول المدينة المنورة كاملًا
زيارة المدينة المنورة أمنية يتطلع إليها كل مسلم لما تحمله من مكانة عظيمة فهي تحتضن المسجد النبوي وبها يرقد النبي ﷺ، وعند دخولها يحرص المسلم على الدعاء بما ورد عن رسول الله ﷺ، ومن ذلك:
- “إنِّي أُحَرِّمُ ما بيْنَ لابَتَيِ المَدِينَةِ أنْ يُقْطَعَ عِضاهُها أوْ يُقْتَلَ صَيْدُها وقالَ: المَدِينَةُ خَيْرٌ لهمْ لو كانُوا يَعْلَمُونَ لا يَدَعُها أحَدٌ رَغْبَةً عَنْها إلَّا أبْدَلَ اللَّهُ فيها مَن هو خَيْرٌ منه ولا يَثْبُتُ أحَدٌ علَى لَأْوائِها وجَهْدِها إلَّا كُنْتُ له شَفِيعًا، أوْ شَهِيدًا يَومَ القِيامَةِ”.
- “اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أوْ أشَدَّ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا في صَاعِنَا وفي مُدِّنَا وصَحِّحْهَا لَنَا وانْقُلْ حُمَّاهَا إلى الجُحْفَةِ” قالَتْ: وقَدِمْنَا المَدِينَةَ وهي أوْبَأُ أرْضِ اللَّهِ قالَتْ: فَكانَ بُطْحَانُ يَجْرِي نَجْلًا تَعْنِي مَاءً آجِنًا.
- “اللَّهُمَّ اجْعَلْ بالمَدِينَةِ ضِعْفَيْ ما جَعَلْتَ بمَكَّةَ مِنَ البَرَكَةِ”.
- “كانَ النَّاسُ إذَا رَأَوْا أَوَّلَ الثَّمَرِ جَاؤُوا به إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَإِذَا أَخَذَهُ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا في ثَمَرِنَا وَبَارِكْ لَنَا في مَدِينَتِنَا وَبَارِكْ لَنَا في صَاعِنَا وَبَارِكْ لَنَا في مُدِّنَا اللَّهُمَّ إنَّ إبْرَاهِيمَ عَبْدُكَ وَخَلِيلُكَ وَنَبِيُّكَ وإنِّي عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ وإنَّه دَعَاكَ لِمَكَّةَ وإنِّي أَدْعُوكَ لِلْمَدِينَةِ بمِثْلِ ما دَعَاكَ لِمَكَّةَ وَمِثْلِهِ معهُ قالَ: ثُمَّ يَدْعُو أَصْغَرَ وَلِيدٍ له فيُعْطِيهِ ذلكَ الثَّمَرَ”.
لمحة عامة حول المدينة المنورة
تتمتع المدينة المنورة بمكانة رفيعة في الإسلام فهي من أعظم المدن التي مر عليها التاريخ الإسلامي منذ بزوغ نور الإسلام وهي تُعد من أقدس البقاع عند المسلمين والعناية بها لم تتوقف على مر العصور كل حاكم مر بها ترك بصمته التي لا تزال شاهدة حتى يومنا هذا ويتجلى ذلك في معالمها التاريخية التي تعكس الإرث الإسلامي العريق.
ومن المواقع البارزة فيها الخندق الذي قام النبي محمد ﷺ بحفره في الجزء الشمالي من المدينة بهدف الاستعداد لغزوة الأحزاب وهو يُعد شاهدًا على التخطيط العسكري المتقن في زمن النبوة لا يقتصر الأمر على المسجد النبوي كموقع بارز يمكن للزوار التوجه إليه بل تحتضن المدينة العديد من المعالم مثل القصور التاريخية والمساجد التي بنيت بعناية فائقة وتعكس مدى تطور فن العمارة الإسلامية عبر الأزمان.
تحظى المدينة المنورة بقدسية خاصة فهي محمية من دخول المسيح الدجال كما أنها تعد روضة من رياض الجنة مما يبرز عظمتها الروحية والصلاة فيها لها شأن عظيم حيث يُضاعف الأجر فيها باستثناء المسجد الحرام بمكة مما يجعلها وجهة رئيسية لكل مسلم لا تقتصر حرمتها على ذلك فقد جعلها النبي محمد ﷺ حرمًا على غرار ما فعله النبي إبراهيم عليه السلام بمكة مما يعزز مكانتها ويؤكد فضلها الكبير في قلوب المسلمين.
إرشادات ومعلومات عن زيارة المدينة المنورة
تُعرف المدينةُ المنورة بعدةِ أسماء منها طيبة وطابة وهي تضم مسجدَ الرسولِ ﷺ الذي يُعد أحدَ أعظمِ المساجد في الإسلام وعند وصول المسلم إلى المسجدِ النبوي يُستحب أن يدخل بقدمه اليمنى ثم يقول “اللهم افتح لي أبواب رحمتك” وبعد ذلك يصلي ركعتين بنية تحيةِ المسجد.
بعد أداء الصلاة يتوجه الزائر إلى قبر النبي ﷺ ليُلقي عليه السلام ثم يُسلم على الخليفتين أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما ويحرص على استغلال وجوده في المسجد النبوي بالإكثار من الصلاة فيه والدعاء إذ إن هذا المكان له فضل عظيم وقد ورد في الحديث الشريف أن الصلاة فيه خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام لذا فإن النية الأساسية من الزيارة ينبغي أن تكون للصلاةِ في المسجد والعبادة والدعاء.
من الأمور التي ينبغي على الزائر مراعاتها أثناء تواجده في المسجد النبوي التزام الأدبِ وخفض الصوت خصوصًا عند مرورِهِ بجوار قبر النبي ﷺ احترامًا لمكانته وتجنب لمس جدران الحجرة النبوية اعتقادًا بأن ذلك يُورِث البركة لأن هذا الفعل من البدع كما لا يجوز التوجه إلى النبي ﷺ بالدعاء وطلب الحاجات لأن الدعاء عبادة تُصرف لله وحده لا شريك له وهذا أساسُ التوحيد في الإسلام.
صيغة دعاء دخول المدينة المنورة وفق المذهب الشيعي
صيغة دعاء دخول المدينة المنورة وفق المذهب الشيعي جاء دعاء دخول المدينة المنورة في المذهب الشيعي بصيغة تعكس التوجه إلى الله سبحانه وتعالى مستشفعًا بنبيه الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم طلبًا للرحمة والمغفرة فقد ورد في الدعاء:
- “اَللّهُمَّ اِنَّكَ قُلتَ لِنَبيِّكَ مُحَمَّد (صلى الله عليه وآله وسلم) وَلَو أَنَّهُم إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُم جاؤُوكَ فَاْستَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُم الرَسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوّاباً رَحيماً”.
- ومن هذا المنطلق يردد الزائر عند دخوله المدينة هذا الدعاء معبرًا عن صدق نيته وإحساسه العميق بالتوبة ورجائه في التقرب إلى الله .
- حيث يقول “وَلَم أَحضُر زَمانَ رَسُولِكَ عَلَيهِ وآلِهِ السَّلامُ اَللّهُمَّ وَقَد زُرتُهُ راغِباً تائِباً مِنْ سَيِّء عَمَلي وَمُستَغْفِراً لَكَ مِن ذُنُوبي وَمُقِّراً لَكَ بِها وَأَنتَ أَعلَمُ بِها مِنّي وَمُتَوَجِّهاً اِلَيكَ بِنَبيِّكَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ صَلَواتُكَ عَلَيهِ وَآلِهِ فَاجْعَلنِي اَللّهُمَّ بِمُحَمَّد وَأَهلِ بَيتِهِ عِندَكَ وَجيهاً في الدُنيا وَالآخِرَةِ وَمِنَ المُقَرَّبِينَ”.
- حيث يحمل هذا الدعاء في كلماته مشاعر التوقير والتعظيم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ورغبة عميقة في نيل شفاعته حيث يتوجه الزائر إلى النبي قائلاً: “يا مُحَمَّدُ يَا رَسُولَ اللهِ بِأَبي أَنتَ وَأُمِّي يَا نَبِيَّ اللهِ يَا سَيِّدَ خَلقِ اللهِ إِنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلَى اللهِ رَبِّكَ وَرَبِّي لِيَغفِرَ لِي ذُنُوبِي وَيَتَقَبَّلَ مِنِّي عَمَلِي وَيَقضِي لِي حَوائِجِي فَكُن لِي شَفِيعاً عِندَ رَبِّكَ وَرَبِّي فَنِعْمَ المَسْؤُولُ المَولَى رَبِّي وَنِعْمَ الشَّفِيعُ أَنتَ يَا مُحَمَّدُ عَلَيكَ وَعَلَى أَهلِ بَيتِكَ السَّلامُ”.
- وبذلك يعكس هذا الدعاء معاني المحبة والولاء للنبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم واللجوء إلى الله من خلال التوسل به طلبًا للرحمة والمغفرة وتحقيق الحوائج. من المؤسف أن نجد في زماننا هذا كثيرًا من المسلمين يفضلون السفر لأغراض السياحة واللهو على زيارة المسجد النبوي أو أداء فريضة الحج مما يعكس تراجع الاهتمام بهذه العبادات الروحانية.
- التي تساعد في تقوية الصلة بالله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم وزيادة الإيمان في القلوب بينما كانت هذه الزيارات في الماضي تعد من أعظم الأولويات لدى المسلم الذي يسعى للتقرب من الله وطلب العفو والمغفرة لذلك من الضروري أن يستشعر المسلم مكانة المسجد النبوي في قلبه ويدرك فضل زيارته وما تتركه من أثر عظيم في النفس والروح.
