قد يبدو أن ارتداء الملابس أو خلعها من الأمور اليومية البسيطة التي نقوم بها بشكل اعتيادي دون تفكير ولكن إذا أمعنّا النظر نجد أن الإسلام قد أولى لهذا الأمر اهتمامًا خاصًا وجعله موضوعًا يستحق العناية والذكر حيث شملته السنة النبوية المباركة بتوجيهات شاملة من خلال الأدعية التي تهدف إلى توفير الحماية وزيادة البركة في حياتنا عندما يقال أثناء تغيير الملابس أو ارتدائها بغض النظر عن الزمان أو الظرف الذي نمر به.
- ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بيّن لنا أهمية أن نحمي أنفسنا بين أعين الجن وعوراتنا من خلال قول: بسم الله عند ارتداء الملابس أو خلعها.
الدعاء المأثور عند ارتداء الثوب الجديد
يعتبر دعاء ارتداء الثوب الجديد من الأدعية الواردة في السنة النبوية الشريفة وهو من الأمور التي أكد العلماء جميعهم صحتها وثباتها عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم حيث وردت عدة صيغ مأثورة لهذا الدعاء مما يجعل للمسلم حرية اختيار ما يناسبه منها مع التأكيد على فضل اتباع سنة نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم في جميع تفاصيل الحياة بما فيها هذا الدعاء.
يمكن للمسلم أن يردد هذه الأدعية سواء عند ارتداء ملابس جديدة أو حتى عند لبس ثيابه المعتادة لتكون حياته اليومية مليئة ببركة السُنّة النبوية الشريفة وقد وردت تلك الصيغ بألفاظ بسيطة وسهلة يسهل حفظها مما يتيح للجميع ترديدها بسهولة لتصبح عادة يومية تضاف إلى عاداتهم اقتداءً بهدي النبي صلى الله عليه وسلم.
- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لبس ثوبًا جديدًا وذكر اسمه سواء كان قميصًا أو عمامة أو رداءً يقول: «اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه أسألك من خيره وخير ما صنع له وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له».
الدعاء لمن ارتدى ثوبًا جديدًا
الدعاء لمن يرتدي ثوبًا جديدًا من السُنن النبوية العظيمة التي ينبغي علينا التأسي بها ومن المهم أن ندرك أن الدعاء لمن لبس ثوب جديد ليس مقصورًا فقط على الثياب التي يتم شراؤها لأول مرة بل يشمل كل مرة يغيّر فيها الإنسان ملابسه ويرتدي شيئًا جديدًا عليه فقد كان الحبيب المصطفى -عليه الصلاة والسلام- يحرص على ترديد هذا الدعاء دائمًا عند تغيير ملابسه سواء كانت عباءة أو عمامة وقد سار على هذا النهج الكريم أمهات المؤمنين والصحابة رضوان الله عليهم مما يؤكد أهمية هذا السلوك الجميل في حياتنا اليومية.
وعندما نذكر كلمة “الجديد” هنا فإن المقصود ليس بالضرورة الملابس التي اشتُريت حديثًا بل هو تعبير يجمع كل أنواع الملابس التي يقوم الشخص بارتدائها بدلًا من تلك التي كان يرتديها سابقًا وهذا الفعل النبيل الذي يُعبّر عن الامتنان لله تعالى يُعد جزءًا من السنة النبوية التي ثبتت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في كل مرة كان يغير ملابسه.
وقد وردت أحاديث شريفة تؤكد هذا المعنى ومنها ما جاء عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه حيث قال: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من لبس ثوبًا فقال: الحمد لله الذي كساني هذا ورزقني من غير حول مني ولا قوة، غفر الله له ما تقدم من ذنبه» حيث يوضح هذا الحديث الشريف الفضل العظيم للدعاء بعد ارتداء الملابس الجديدة والذي يُظهر شكر العبد لله على نعمة الكسوة والرزق.
حديث شريف حول ارتداء الثوب الجديد
دعاء ارتداء الثوب الجديد يُعتبر من الأدعية المأثورة عن النبي محمد ﷺ التي وردت ضمن السنن المستحب الالتزام بها حيث إذا اعتاد المسلم على ذلك وحوّل هذه السنة إلى عادة يومية ينال بها الثواب بإذن الله ولكن إذا لم يعمل بها فلا إثم عليه لأنها سنة مستحبة وليست فرضًا أو واجبًا إلزاميًا من الله -عز وجل-.
وكما وردت العديد من الأدعية الأخرى التي نُقلت عن الرسول ﷺ عن طريق الصحابة الذين عاشوا معه ووثقوا كلماته وأفعاله جاء حديث ارتداء الثوب الجديد بلفظه الصحيح حيث أوضح النبي الكريم فيه الطريقة التي كان يدعو بها عند ارتداء ثوبه الجديد.
- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «من لبس ثوباً جديداً فقال: الحمد لله الذي كساني هذا الثوب ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة ثم أخذ الثوب الذي تقادم استخدامه أو لم يعد بحاجة إليه وتصدق به حفظه الله عز وجل ورعاه ووفّر له من خيره وجعل ذلك العمل في سبيله سواء كان حيًا أو توفاه الله ويحدث ذلك مرتين».
أهمية الدعاء عند ارتداء وخلع الثوب الجديد
الدعاء يُعَدُّ من أبرز العبادات التي يحبها الله تعالى ويحث عليها ويجب أن نحرص عليها في جميع جوانب حياتنا سواءً في أفراحنا أو في ابتلائنا لأن بالدعاء يقترب العبد من ربه ويلتمس منه المعونة والتوفيق.
- التوجه بالدعاء عند ارتداء الثوب الجديد أو عند خلعه يُعد شكلاً من أشكال الامتنان والتقدير لنعمة الله وخيراته وهو فرصة لتجديد الشكر لله على ما أنعم به علينا من سترٍ وبركة مما يساهم في زيادة رضى الله علينا وتوفيقه في حياتنا.
- عندما يرفع الإنسان أكف الضراعة إلى الله عند ارتداء الثوب الجديد فإنه بذلك يؤكد إيمانه بأن الله هو الملهم والمحقق لأمانينا وأحلامنا سواء كانت في هذه الدنيا أو في الآخرة لأن الله هو القادر على كل شيء ومنه تُنال الخيرات.
- الدعاء عند لبس أو خلع الملابس يُعمّق شعورنا بالامتنان لله على نعمتي التستر والجمال التي أكرمنا بها ويُعزز إحساسنا بالرضا والصلة برب العالمين الذي لا ينتهي كرمه وعطاؤه.
- من فضل الدعاء أيضًا أن يكون وسيلة للحماية من العين والحسد حيث إن الالتجاء إلى الله وطلب حفظه يجعلنا نؤمن بأنه الحافظ الوحيد والمدبّر لكل أمورنا مما يزرع في قلوبنا الطمأنينة والسكينة.
دعاء الأطفال عند ارتداء الثوب الجديد
يُعلَّم الأطفال دعاءَ ارتداء الثوب الجديد من الأدعية النبوية التي يجب الحرص على تعليمها لهم لما تحمله من معاني تربوية ودينية تُغرس في نفوسهم حب الله وشكره على نعمه الجليلة وتُعزّز ارتباطهم بسُنّة النبي صلى الله عليه وسلم يتميَّز الدعاء الوارد في الحديث الشريف بأنه بسيط وسهل الحفظ مما يجعله مناسبًا للأطفال الصغار لما تتميز به كلماته من وضوح وسلاسة.
مع تقدم الطفل في العمر يمكن تعليمهم المزيد من الأدعية الأخرى المتعلقة بارتداء الثوب الجديد مما يساهم في تعزيز الوعي الديني وتنمية إدراكه بأهمية اتباع السنة النبوية في كل جوانب حياته مما يجعل الطفل أكثر ارتباطًا بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ويزرع في قلبه محبته والاقتداء به في جميع أمور حياته اليومية.
- ورد عن أبي أمامة رضي الله عنه أنه قال: إن عمر رضي الله عنه عندما لبس ثوبًا جديدًا قال: «الحمد لله الذي كساني.. ما أواري به عورتي، وأتجمَّل به في حياتي».
توضيح الدعاء المخصص للأطفال عند ارتداء الثوب
أطفالنا هم أغلى ما نملك وهم أمانة عظيمة أودعها الله بين أيدينا لنبني بهم مستقبلًا مشرقًا مزينًا بالقيم والأخلاق السامية ومن أعظم ما نغرسه في نفوس أبنائنا هو الالتزام بالتربية الدينية من الصغر لأن هذا يُسهم في تشكيل وعيهم الديني ويجعلهم أكثر التصاقًا بتعاليم الإسلام السامية ومن العادات الجميلة التي يجب أن نعلمها لهم هي الدعاء المخصوص عند ارتداء اللباس حتى تكون هذه العادة جزءًا من حياتهم اليومية وتعمق فيهم شعور الامتنان لله سبحانه وتعالى على النعم التي أكرمهم بها.
لقد كان النبي –صلى الله عليه وسلم– يحرص كلما لبس لباسًا جديدًا سواء كان عمامة أو عباءة أو أي نوع آخر من الثياب أن يدعو دعاءً خاصًا يحمد فيه الله سبحانه وتعالى ويثني عليه على النعمة التي وهبها له ويشكره على الستر الذي منحه إياه بهذا اللباس وكان يدعو الله أن يحميه ويصونه من أي شر قد يرتبط بهذا الملبس ومن هذا النهج النبوي الكريم ينبغي لنا كآباء وأمهات أن ننقل هذه العادة الطيبة لأبنائنا ونعلمهم هذا الدعاء حتى يدركوا عظمة النعمة التي بين أيديهم مهما بدت بسيطة ولينشأوا وهم يحملون في قلوبهم حب الله والاستعانة به في جميع شؤونهم فهذا الدعاء لا يتوقف عند كونه كلمات فقط بل هو وسيلة لتعميق شعور الشكر والامتنان لديهم وترسيخ عادات طيبة تجعل اتباع السنة النبوية جزءًا لا يتجزأ من حياتهم اليومية.
شرح الدعاء المأثور عند ارتداء الثوب الجديد للأطفال
إن من أبرز الأمور التي يجدر بالطفل تعلمها منذ صغره هو إدراك قيمة الأعمال التي يقوم بها وفهم المعاني التي تقف وراء تصرفاته حتى ينشأ على قناعة تامة بما يفعله دون أن يشعر بأي نوع من الضيق أو الملل، خاصةً إذا كانت تلك الأمور تحمل في طياتها نفعًا وخيرًا له ولا تُسبب له أية أضرار قد تمس حياته أو مستقبله.
- الحمدُ لله الذي كساني: يبدأ الدعاء بحمد الله وشكره على نعمة الملابس التي تعد من أعظم النعم التي وهبها الله للإنسان، فهي تمنح الإنسان الستر والحماية وتغطي الجسد وتصونه من العوامل المختلفة وتُعد رمزًا جليًا يعبر عن فضل الله علينا، فإن نعمة اللباس نعمة لا تقدر بثمن وتتطلب منا شكر الله عليها باستمرار لما لها من دور كبير في ستر الإنسان وحفظ كرامته وتمكينه من الوقوف بثقة بين الناس مُصان الكرامة محفوظ الجانب.
- ما أواري به عورتي: إن ستر العورة هو أحد الأبعاد الهامة التي تجعل من اللباس نعمة إلهية عظيمة، فالله أوجب على الإنسان ستر عورته حمايةً له وتجسيدًا لمعاني الحياء التي تتميز بها صفة المؤمن، ومن دون اللباس كانت العورات مكشوفة ولم يكن بالإمكان صونها أو حمايتها مما يؤدي إلى زوال صفة الحياء واحترام الذات لهذا نجد في الدعاء إشارة واضحة لشكر الله على نعمة الستر التي تتيح لنا تغطية عوراتنا مما يمكننا من العيش بحياء وكرامة واحترام تجاه النفس وتجاه الآخرين.
- وأتجمل به في حياتي: امتنان الإنسان لله لا يقتصر فقط على شكره لستر جسده، بل يمتد ليشمل حمده على المظهر الحسن الذي تتيحه الملابس، فالله منحنا عبرها فرصة لاختيار أزيائنا بما يعكس شخصياتنا وأذواقنا ويضفي عليها لمسات متميزة تتناسب مع مختلف الظروف والمناسبات، ومن خلال هذه النعمة نتمكن من إبراز الجمال الذي يتماشى مع قيمنا وأخلاقنا لنتزين ونظهر بشكل يليق بالإنسان المكرم والمخلوق بإبداع إلهي مميز وهذا كله يدفع الإنسان للتفكر العميق في الرحمات التي يغنيها الله في حياته ويزيد من شكره وحمده عليها.
الدعاء المأثور عند خلع الثوب وفقًا للسنة
يعتني الدينُ الإسلامي بكل تفاصيل حياة الإنسان اليومية، سواء كانت متعلقة بشؤونه الدنيوية أو علاقته بالآخرة ويُظهر هذا الاهتمام من خلال الأدعية المأثورة عن النبي ﷺ التي تُذكر الإنسان دائما بربّه في كل الأحوال ومن بين هذه الأدعية المهمة دعاء خلع الثوب الذي ورد عن سنة النبي الكريم ﷺ.
يُستحب للمسلم أن يردد هذا الدعاء في كل مرة يخلع فيها ثوبه في أي وقت من اليوم لما يُضفيه من بركة وتذكير بفضل الله عز وجل ومع ذلك ينبغي الحرص على عدم قول هذا الدعاء في أماكن غير طاهرة كدورات المياه لأن ذكر الله لا يجوز في هذه الأماكن وفقا للآداب الإسلامية.
- عن النبي ﷺ قال: «اللهم أحسنت خُلقي.. فأحسن خَلقي».
تُبرز لنا هذه السنة كيف يوجّه الإسلام المسلم إلى الحفاظ على علاقة قوية ومستمرة مع الله عز وجل في جميع اللحظات حتى في المواقف التي قد يراها البعض بسيطة كالقيام بخلع الملابس وهذا بدوره يمنح الإنسان شعورًا بالطمأنينة والراحة النفسية نتيجة شعوره باتصاله الدائم بالله سبحانه وتعالى وتذكُّره لفضله ورحمته في كافة جوانب حياته.
فوائد الالتزام بالدعاء عند ارتداء الثوب الجديد
عن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الشريف: «تَركتُ فِيكم الثَّقلين، ما إن تمسَّكتُم بهما، لن تضلُّوا: كِتابَ اللهِ، وسنتي» ويظهر الإيمان العميق بالله ورسوله في سعي المسلم لتطبيق تعاليم الدين بصدق وإخلاص حيث يطلب الإسلام من المسلمين فهم الحكمة خلف كل عبادة أو فعل ليزداد استيعابهم للفائدة التي يحققونها منها والدين الإسلامي يجمع بين تغذية العقل والروح ومن هذا المنطلق يأتي الدعاء عند ارتداء الثوب الجديد كعبادة تحمل فوائد عظيمة إذا أُديت بخشوع وإيمان.
- التوجه بالشكر لله عز وجل على نعمة اللباس التي وهبها للإنسان وجعلها وسيلة للستر والزينة حيث يُدرك المسلم عند الدعاء أنه ممتن لنعم الله الجليلة ويشعر أنه مفضل بنعمة قد يفتقدها الكثيرون حول العالم.
- التأكيد على نعمة التوفيق من الله الذي مكّن العبد من امتلاك لباس قد يبدو بسيطًا ولكنه حلم لدى البعض فيأتي الدعاء ليعبّر العبد من خلاله عن الامتنان العميق لهذه النعمة.
- تعزيز الشكر الدائم لله بعمل الخير وتذكر قول الله تعالى: (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ۖ. ولئن كفرتم إن عذابي لشديد). مما يُبرز أهمية الحفاظ على النعم من خلال الشكر المتواصل لها.
- استذكار الله بالدعاء عند ارتداء الثياب الجديدة يجعل قلب المسلم مطمئنًا وقريبًا من ربه حيث أكد الله -سبحانه وتعالى- في قوله: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ۗ ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
- التمسك بسنة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- يثبت المحبة الصادقة له ويعكس اتباع المسلمين لمبادئه في صغير الأمور وكبيرها حيث يُعتبر الدعاء جزءًا لا يتجزأ من الهدي النبوي.
- التحصّن من أذى الجن وأعينهم الخفية بالدعاء هو حكمة عظيمة تعكس مدى الرحمة في التشريعات الإسلامية التي اهتمت بحماية الإنسان ليس فقط من الأذى الظاهر بل حتى من الأضرار غير المرئية.
- الحماية من عيون الناس التي تحمل الحسد أو الحقد دون قصد هي من المزايا المهمة التي يحققها المسلم من الدعاء عند ارتداء الثوب الجديد مما يجعل الدعاء وسيلة للأمان النفسي والسلام الداخلي.
- من الفوائد الأخرى أن الدعاء يسهم في حفظ المسلم من الأضرار المجهولة التي قد تكون في الثياب سواء كانت جراثيم، ملوثات أو مواد قد تضر الجسد مما يعكس عبقرية التشريع الإسلامي في الاهتمام بصحة المسلم وسلامته في كافة التفاصيل اليومية.