أنسب وقت للدعاء في ليلة القدر هو حين يسعى المسلم لاستثمار كل لحظة في هذه الليلة المباركة متضرعًا إلى الله بطلب العتق من النار والمغفرة لما تحمله من فضل عظيم ونفحات روحانية تجعل المؤمن يحرص بكل إخلاص على اغتنامها بكل طاقته لذا من الضروري أن يكون الإنسان واعيًا لأفضل الأوقات التي يكون فيها الدعاء أقرب للإجابة وأكثر قبولًا عند الله.
العبادات المشروعة في ليلة القدر
تُمثّل ليلة القدر واحدة من أعظم الليالي التي تمر على المسلم خلال العام إذ تُحاط بالبركة والخير ويحرص المؤمن على اغتنامها بأفضل شكل ممكن فهي فرصة خصّها الله سبحانه وتعالى لاستجابة الدعوات وتغيير الأقدار لذلك تجد الكثير يسعى لاكتشاف موعدها ليأخذ نصيبه من فضلها من خلال الإقبال على العبادات والطاعات.
النبي ﷺ أوضح أن ليلة القدر تكون خلال العشر الأواخر من شهر رمضان ورجّح العلماء تتبعها خصوصًا في الليالي الوترية فهي ليلة تصعد فيها الدعوات لتُستجاب وتتبدل فيها الأقدار بإذن الله حيث يغدق الله برحمته وعطائه على عباده بعطايا لا تُحصى.
الاجتهاد في العبادة خلال هذه الليلة له أجر عظيم فهي باب لمغفرة الذنوب ورَفع الدرجات حيث جعل الله هذه الليلة ميدانًا للراغبين في التقرب إليه سواء بالصلاة أو بالدعاء أو بتلاوة القرآن أو بالتسبيح والذكر بكل أشكاله سواء كان باللسان أو حتى بالقلب إذ أن كل عمل صالح يؤتى فيه له تأثير كبير على حياة المسلم وأجر مضاعف عند الله.
- عن عائشة أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ عن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنه قال: من قامَ لَيلةَ القَدرِ إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ مِن ذنبِهِ. [صحيح النسائي].
أوقات استجابة الدعاء في ليلة القدر
تبدأ ليلة القدر من لحظة غروب الشمس في الليلة الزوجية التي توافق ليلة وترية وتمتد حتى طلوع الفجر وهي ليلة تقع ضمن العشر الأواخر من شهر رمضان وقد تكون في الليالي 21، 23، 25، 27، أو 29 ولم يتم تحديدها على وجه الدقة لحكمة إلهية تهدف إلى حث المسلمين على الاجتهاد في العبادة طوال هذه الليالي المباركة.
يبحث الكثير من المسلمين عن أكثر الأوقات استجابةً للدعاء خلال ليلة القدر غير أن أهل العلم بيّنوا أن جميع أوقات هذه الليلة تُعد مناسبة للدعاء وليس هناك وقت محدد يُفضّل على غيره.
وهذا من رحمة الله بعباده إذ جعل هذه الليلة كلها فرصة للعفو والرحمة حيث يمكن للمسلم أن يدعو متى شاء ويؤدي مختلف العبادات سواء بالصلاة أو بالذكر أو بتلاوة القرآن راجيًا من الله أن يغفر له ويكتب له الخير في أيامه القادمة.
العبادات المستحبة لأداءها في ليلة القدر
لَيْلَةُ القَدْرِ تَحْمِلُ فَضلًا كَبِيرًا وَمَكَانَةً عَظِيمَةً فِي قُلُوبِ المُسْلِمِينَ، فَهِيَ لَيْلَةٌ يَتَعَاظَمُ فِيهَا الأَجْرُ وَتُسْتَجَابُ الدَّعَوَاتُ وَتُكَفَّرُ الذُّنُوبُ فَقَدْ وَرَدَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مَنْ قَامَهَا إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.
لِذَلِكَ يَحْرِصُ المُسْلِمُونَ عَلَى تَحَرِّي هَذِهِ اللَّيْلَةِ العَطِرَةِ وَاغْتِنَامِ الْفُرْصَةِ التِي تَمْتَدُّ مِنْ بَعْدِ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَحَتَّى طُلُوعِ الفَجْرِ فَهِيَ سَاعَاتٌ مُمْتَلِئَةٌ بِالرَّحْمَةِ وَالخَيْرِ وَالبَرَكَةِ يُضَاعَفُ فِيهَا الثَّوَابُ وَيَقْتَرِبُ فِيهَا العَبْدُ مِنْ رَبِّهِ بِكُلِّ عِبَادَةٍ تُقَرِّبُهُ وَتُزِيدُ مِنْ حَسَنَاتِهِ وَتُزِيلُ عَنْهُ أَعْبَاءَ الذُّنُوبِ وَالزَّلَّاتِ وَفِي التَّالِي العِبَادَاتُ التِي يُسْتَحَبُّ مُمَارَسَتُهَا خِلَالَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ المُبَارَكَةِ:
1- أداء صلاة القيام
قيام الليل خلال شهر رمضان لا يقتصر فقط على أداء عدد معين من الركعات في الثلث الأخير من الليل بل يشمل أيضًا صلاة التراويح التي تُعد من ضمن قيام الليل في هذه الأيام الفضيلة ومن يحرص على أدائها بصدق وإخلاص واحتساب الأجر من الله فهو من الفائزين برضوانه وفضله.
2- تلاوة القرآن وذكر الله
تَلاوَةُ القُرآنِ الكَريمِ وَذِكرُ اللهِ مِن أَعظَمِ العِباداتِ الَّتي يَحرِصُ المُسلِمُ علَيها فِي اللَّيلَةِ المُبارَكَةِ فَهِي سَبَبٌ فِي رَفعِ دَرَجتِهِ عِندَ رَبِّهِ وَمَغفِرَةِ ذُنُوبِهِ وَتَضاعُفِ حَسَناتِهِ فَقَد وَعَدَ اللهُ بِالأَجرِ العَظيمِ عَلى كُلِّ حَرفٍ يُتلى مِن كِتابِهِ فَما بَالُكَ إِذا كَانَت هَذِهِ التِّلاوَةُ فِي لَيلَةِ القَدرِ الَّتِي هِيَ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍ يُضافُ إِلى ذَلِكَ أَنَّ الذِّكرَ بِشتَّى أَنواعِهِ مِن تَسبيحٍ وَتَحميدٍ وَتَهلِيلٍ وَاستِغفارٍ يُقَرِّبُ العَبدَ مِن رَبِّهِ وَيَملاُ القَلبَ سَكِينَةً وَاطمِئنانًا فَيَحرِصُ المُؤمِنُ فِي هَذِهِ اللَّيلَةِ المُبارَكَةِ عَلى الإكثارِ مِن تِلاوَةِ القُرآنِ وَالذِّكرِ تَرجِيًا لِنَيلِ أَعظَمِ الفَضائِلِ وَالمَغفِرَةِ وَالرَّحمَةِ.
3- الدعاء والتضرع إلى المولى
مِن أَعظَمِ العِباداتِ التي يَنبَغي للمُؤمنِ أن يُواظِبَ عليها في لَيلَةِ القَدرِ أن يَتَوَجَّهَ إلى اللهِ بِكُلِّ خُشوعٍ ويَدعُوَه بِما يَحْمِلُه فِي قَلبِهِ مِن أَمنِيَاتٍ تتعلَّقُ بِالدُّنيا والآخِرَةِ فاللهُ يُحِبُّ العَبدَ الذي يُلحُّ في الدُّعاءِ ولا يَمَلُّ مِن طَلَبِ ما يَرجُوهُ ويَرجو كَرَمَهُ وإِجابَتَهُ فَلا يَتَرَدَّدُ المُؤمنُ فِي سُؤالِ اللهِ كُلَّ ما يَتَمَنَّاهُ مَهما كانَ طَلبُهُ عظِيمًا فاللهُ كَرِيمٌ ولا يَعجِزُهُ شَيءٌ قَد عَلَّمَنَا النَّبيُّﷺ دُعاءً خَاصًّا نُردِّدُه بكَثرةٍ في هذِه الليلةِ العَظِيمةِ وهُو:
- اللهمَّ إنك عفوٌّ تحبُّ العفوَ فاعفُ عني.
4- الاعتكاف في المساجد
يستطيع المسلم أن يعتكف في ليلة القدر اقتداءً بالنبي ﷺ الذي كان يحرص على الاعتكاف خلال هذه الليلة المباركة وفي العشر الأواخر من رمضان ولا يقتصر الاعتكاف على أيام محددة كما يظن البعض بل يمكن للمسلم أن يعتكف حتى ولو ليلة واحدة فيقضي وقته في العبادة والتقرب إلى الله.
- دعاء ليلة القدر الذي أوصى به الرسول.
5- الإكثار من الأعمال الصالحة
في ليلة القدر يُستحب الاجتهاد في الطاعات والإكثار من الأعمال الصالحة التي تُقرب العبد من الله وتزيد من حسناته لأن هذه الليلة تُعد فرصة عظيمة لمغفرة الذنوب وتبديل الأقدار إلى ما هو خير فالمؤمن الحق ينبغي له الحرص على اغتنامها بالقيام بكل ما يعزز منزلته عند ربه من عبادات وأعمال بر تُرفع بها درجاته وتُمحى بها سيئاته فتكون سببًا في نيل رضا الله ورحمته.