الهداية هي أعظم ما يمنحه الله لعباده فهي النور الذي يضيء دروبهم ويعينهم على تجنب المعاصي والسير في طريق الاستقامة فمن وفقه الله للطاعة وفتح له أبواب الخير فقد نال منحة لا تقدر بثمن أما من انشغل بالدنيا وانجرف خلف الشهوات فقد حُرم من هذا العطاء العظيم فابتعد عن طريق الحق وغلبته نفسه لهذا كان لزامًا على المسلم أن يسأل الله الهداية في كل حين وأن يجتهد في الطاعات ويجتنب المحرمات لينال رضا الله وجنته وقد أمر الله نبيه الكريم بالاستقامة على صراطه المستقيم مما يظهر أن الثبات على الدين يحتاج إلى مجاهدة مستمرة ودعاء متواصل بالهداية.
حين يختص الله عبدًا بالقرب منه يرزقه طريق الطاعات ويصرف عنه الفتن ويهيئ قلبه وجوارحه لفعل الخير فلا يسقط في الذنوب بسهولة بل يسعى إلى تطهير قلبه والتزام أوامر ربه لذا وجب على كل مؤمن أن يحرص دائمًا على التوبة والاستغفار وأن يسأل الله الثبات والهداية في شؤونه كلها لأن القلوب بيد الله وهو القادر على تثبيتها على الحق وحمايتها من الانحراف.
- دعاء الهداية للحق: اللهم يا قويّ يا عزيز يا من بيده مقاليد السماوات والأرض، وجّه قلبي للحق واهدني إلى صراطك المستقيم، إنك أنت العليم الحكيم.
- دعاء الهداية للصلاة: اللهم اجعل لي نورًا في قلبي، وأشدّ على قدميّ في درب الاستقامة، واجعلني من المحافظين على الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء اللهم اهدنا إليها وثبتنا عليها وأكرمنا بحلاوة الخشوع فيها.
- دعاء لهداية النفس: اللهم أغنني بحلالك عن حرامك واقبضني إليك غير مفتون، واحفظني من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأظلني تحت رحمتك، وارزقني قلبًا سليمًا لا ينازعك فيه أحد.
- دعاء الهداية والتوبة: اللهم إني أستغفرك مما تبت إليك منه، ثم عدت إليه، وأستغفرك من النعم التي مننت بها عليّ فاستعنت بها على معصيتك وأستغفرك من الذنوب التي لا يعلمها غيرك، وأستغفرك من كل ذنب يغضبك فلا تؤاخذني به، واغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم.
دعاء طلب الهداية مكتوب
الدعاء يُعتبر من أهم الوسائل التي يتقرب بها العبد إلى الله ليطلب منه الهداية والثبات على الطريق المستقيم فينبغي على المسلم أن يُكثر من التضرع إلى الله واللجوء إليه والتذلل بين يديه فهو وحده القادر على توجيه القلوب وتثبيتها على الحق وقد ورد في السنة النبوية عدد من الأدعية التي تُعين المسلم على طلب الهداية والثبات ومنها:
- اللهم إني أدعوك بأسمائك الحسنى اللهم إني أسألك باسمك الأعظم الأجل الأكرم وأسألك باسمك الأحد الصمد وأسألك باسمك الكبير المتعال الذي ملأ الأركان.
- اللهم اجعل أعمالنا خالصة لوجهك الكريم اللهم احفظنا من النفاق والرياء اللهم طهر قلوبنا من الذنوب والمعاصي اللهم تقبل منا عباداتنا وأعمالنا يا أرحم الراحمين وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد.
- يا صاحب الفضل والكرم يا من بيده ملكوت السماوات والأرض يا مالك القلوب اهْدِ قلبي إلى الحق يا غياث المستغيثين أغثني يا غياث المستغيثين أغثني يا غياث المستغيثين أغثني.
- اللهم لا تجعل للمحرمات زينة في عيني اللهم ذَكّرني دائماً بأن الدنيا دار زوال فأبعد عني تعلق القلب بها.
- اللهم ارحمني فلا ملجأ لي سواك ولا راحم لي غيرك ولا منقذ لي إلا أنت اللهم من يسندني سواك ومن يسترني إلا أنت ومن يرزقني غيرك ومن يكون عوني في شدتي سواك.
- اللهم لك الحمد اللهم خذ روحي وأنا ساجد لك وقلبي مليء بخشيتك اللهم اجعل آخر كلامي في الدنيا لا إله إلا الله اللهم اختم لي بالحسنى.
- اللهم أعني على طاعتك وألهمني حسن عبادتك اللهم إني أعلم أنك تحبني وأعلم أني عبدك الضعيف الذي لا قوة له إلا بك اللهم ارزقني دموع الخشوع من خشيتك.
- اللهم فرج همي اللهم أصلح حالي اللهم إني فوضت أمري إليك ووجهت وجهي نحوك ولا ملجأ إلا إليك اللهم أنت العليم بأحوالي وما أخفيه وما أعلنه اللهم اغفر لي وتب علي.
- اللهم خذ بيدي نحو الطريق المستقيم اللهم احفظني وأسترني وأصلح حالي وأحوال جميع المسلمين اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
- اللهم إني أسألك بنور وجهك الذي أضاء الكون وأسألك بقدرتك التي قدرت بها على كل شيء وأسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تيسر لي أموري وتوفقني لما تحبه وترضاه.
- اللهم إنا نسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تهدي قلوبنا وترشدنا لطريق الصواب اللهم اجمع شملنا وابعد الفتن عنا وأصلح لنا ديننا ودنيانا واحفظنا بحفظك اللهم طهر أعمالنا وألهمنا رشدنا.
أسباب تساعد على الاستقامة
الاستقامة من أجلِّ النعم التي يمنُّ الله بها على عباده، فقد قال الإمام الغزالي رحمه الله إنها أعظم من الكرامات، والثبات عليها يتطلب أسبابًا وعوامل تُمَكِّن المسلم من التمسك بطريق الهداية والصلاح ومن أبرز الأسباب التي تعين على ذلك:
- الإكثار من الدعاء فهو من أعظم العبادات وأقوى الوسائل التي تُعين على الثبات، وقد ورد أن الدعاء هو السبيل الوحيد لرد القضاء، لذا ينبغي على الإنسان أن يرفع يديه إلى الله، متضرعًا إليه بقلبٍ خاشع، راجيًا منه الثبات والهداية، فالقلوب بين يدي الله يُقَلِّبُها كيف يشاء.
- محاسبة النفس والتأمل في البواعث الإيمانية، بمعنى أن يسأل الإنسان نفسه باستمرار: لماذا يسعى للاستقامة؟ لماذا يخشى الله ويسعى لمرضاته؟ ما النعم التي أنعم الله بها عليه؟ حين يجيب عن هذه الأسئلة بوضوح، سيدرك أن القرب من الله فضلٌ لا يُقدَّر بثمن، وأن الثبات على الطاعة ليس مجرد خيار، بل هو السبيل الوحيد الذي ينبغي أن يسلكه العبد طوال حياته.
- مرافقة الصالحين، فهم الذين يعينون على الخير، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فالصحبة الطيبة تدفع الإنسان إلى الطاعات وتذكره بالله، بينما رفاق السوء يجرونه إلى المعاصي والآثام، لذلك يُعتبر اختيار الرفقة الصالحة من أهم عوامل الثبات.
- إدراك عواقب المعاصي والذنوب فمن يستمرئ الذنوب يُعَرِّض نفسه لمزالق خطيرة قد يصعب عليه التخلص منها لاحقًا، وكل معصية لها نهاية وخيمة، وعقوبة قد تكون في الدنيا قبل الآخرة، لذا ينبغي للمرء أن يعي أنه ما لم يبادر بالتوبة، فإنه يسير نحو الهلاك.
- الوعي والحذر من وساوس الشيطان، فمن أقوى أسباب الثبات استشعار العداوة الأزلية بين الإنسان والشيطان، فإذا استجاب المرء لوساوسه، فقد سلَّم نفسه لعدوٍّ لا يريد له إلا الشر والبؤس، لذا يجب عليه أن يكون حذرًا، وألا يمنح الشيطان فرصة للتأثير عليه، فنتيجة طاعته ليست سوى الخسارة والندم.
كلمة ختامية
المُسلِم يَجِب أن يكونَ مُدرِكًا لحقيقةِ أنَّ الموتَ قَرِيبٌ وأنَّ العُمرَ مَهما طال فهُوَ أيَّامٌ مَعدُودةٌ تنقضي في لَحظة ولِذلِكَ لا بُدَّ أن يَحرِصَ على اغتنامِ وقتهِ في الطَّاعَة وأن يكونَ قَلبُه مُتعلِّقًا باللهِ سُبحانَه وتعالى سَائلًا إيَّاهُ العَفوَ والمَغفِرة لِأنَّ الأجلَ مَتى حَلَّ لا يَنتظرُ أحدًا ومَن كانت خَاتِمتُه على مَعصيةٍ فقد يُواجِهُ عُقوبةً شَديدةً يَومَ القِيامة ويقعُ في النَّارِ الَّتِي أعدَّها اللَّه لِلمُذنِبِين وإذا وسوَسَ لكَ الشَّيطانُ لفِعلِ مَعصيةٍ أو جَرَّتكَ نَفسُكَ لِمَيلٍ إلى ذَنب فتذكَّر أنَّ المَوتَ لا يُخبِرُ أحدًا بموعدِه ولا يُفرِّقُ بينَ مَكانٍ وزَمَان فقد تَكونُ تِلكَ آخِرَ لحَظَاتِكَ في الحياة ولا شَيءَ أفظَع من أن تَكُونَ نِهَايتُكَ على مَا يُغضِبُ اللَّه فَكنْ مُستَعِدًّا لِلِقاءِ رَبِّكَ كُلَّ وَقت قبل أنْ يَحينَ وَقتُ النَّدم الَّذِي لا يُجدِي نفعًا.