تُعدّ كلمة “حياة” من الكلمات التي يواجه الكثير من الأشخاص صعوبة في معرفة الطريقة الصحيحة لجمعها ويزيد الأمر تعقيداً عند محاولة تصنيفها تحت نوع محدد من الجموع فالعديد يلتبس عليهم جمعها، وقد يجمعونها ولكن دون أن يعرفوا بدقة النوع الذي ينتمي إليه جمعها وهذا يعني أن هذه الكلمة تحتاج إلى بعض التدقيق والفهم لتحديد جمعها بشكل صحيح ولتصنيفها تحت الجموع المعروفة.
جمع “حياة”
- جمع كلمة “حياة” يستند إلى المفهوم المراد بها، فإذا كانت “الحياة” تُستخدم بمعنى المصدر فليس لها جمع، وهذا هو الحال اللغوي العام للمصادر لأنه لا يتم جمعها إطلاقًا.
- وهذا ما أكدته الفتوى الصادرة عن مجمع اللغة العربية التي توضح: “إذا أُريدَ بالحَياةِ المَصْدَرُ وهو : حَيِيَ يَحْيَا حَياةً فَلا جمْعَ لَه في القياس“.
- ويُبرهَن على ذلك بوضوح في قوله تعالى: “مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ” [سورة النحل].
- فهنا نرى أن كلمة “الحياة” مصدر ولا يمكن جمعها ولكن إذا كانت كلمة “حياة” تُستخدم بمعنى الاسم فهي تُجمع على “حيوات”.
- وهذا ورد في الكتب الموثوقة للغة، مثل “تاج العروس” للزبيدي الذي تطرق لهذا الجمع وذكر أيضًا أن هناك جمع آخر لكلمة “حياة” وهو “حِيّ” بوزن “عِصِي” التي هي جمع “عصى”، إذ قال في كتابه: “والحيُّ بِالْكَسْرِ جمع الحياةِ وَيَقُولُونَ كَيفَ أَنْت وَكَيف حَيَّةُ أَهْلكَ ، أَي كيفَ من بَقِيَ مِنْهُم”.
- غير أن هذا الجمع “حِيّ” لم ينل قبولًا واسعًا بين علماء اللغة، وغالبية اللغويين رأوا أنه غير مُطابق للقياس اللغوي السليم مما دفع الكثير منهم إلى رفضه.
الدلالات الاشتقاقية لكلمة “حياة”
وَ عندما نأتي لنتحدث عن كلمة “حياة” يجب أن ندرك أن أصلها اللغوي يعود إلى “ح ي ي” وهي كلمة مفردة تُستَخدم كمصدر للفعل حيِيَ، ويعني الحياة أو المعيشة، فالتفسير في المعاجم العربية يشير إلى أن الحياة تعني “استمرار بقاء الكائن الحي بروحه” والمقصود بعكس الحياة هو الموت.
فَعندما يُقال “أودى بحياة فلان” يعني قتله وتسبب في هلاكه، وعندما نسمع عبارة “فلان ما زال على قَيْد الحياة” هذا يعني أنه لا يزال حيًا ويواصل حياته.
كما نرى أن الحياة توصف بعدة أوصاف ومصطلحات مختلفة تتنوع بحسب السياق ومنها:
الحياة الأبدية أو الباقية: | هي الحياة الآخرة التي لا تنتهي |
الحياة الدنيا: | وتشير إلى الحياة التي نعيشها في الوقت الحاضر |
الحياة الاجتماعية: | ترتبط بكل ما يتعلق بالعلاقات الإنسانية والسلوكيات الاجتماعية |
الحياة العصرية: | تعني التكيف مع متطلبات العصر ومواكبة الحداثة والموضة |
الحياة الخشنة: | والمقصود بها الحياة التي تكون بسيطة وقاسية دون ترف ورفاهية |
الحياة العائلية: | نفهم منها العلاقات والشراكات التي تحدث بين أفراد العائلة |
تجارب الحياة: | تشير إلى الخبرات التي يكتسبها الفرد من خلال التعامل مع المواقف والأشخاص والتحديات المختلفة |
حياة الكلاب: | تستخدم لوصف حياة مليئة بالتعاسة والمشقة |
حياة التشرّد: | تعني حياة بدون استقرار، حيث يعيش الشخص في حالة ضياع وفقدان للهوية |
الحياة الأدبية: | وتعبّر عن حالة الأدب، سواء كان في مرحلة ركود أو نشاط وإبداع |
الفرق بين المصدر والاسم في كلمة “حياة”
يمكن أن تأتي كلمة “حياة” بمعنى المصدر وأيضًا بمعنى الاسم فإذا أخذناها بمعنى المصدر فإنها مشتقة من الفعل “حَيِيَ يَحْيَا حَياةً” لكن إذا كانت بمعنى الاسم فإنه يمكن جمعها على “حيوات” والفرق بين استخدام “حياة” كمصدر أو كاسم يكمن في المعنى فقط دون وجود اختلافات أخرى ملموسة أو واضحة بينهما.
هل كلمة “حياة” وردت في القرآن الكريم
نعم، وردت كلمة “حياة” ومشتقاتها في القرآن الكريم في عدد من الآيات التي تتناول معاني متعددة تتعلق بالحياة الدنيا والآخرة، ومن أهم المواضع التي وردت فيها الكلمة:
في سورة البقرة، قال الله تعالى: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا …}.
وفي موضع آخر من سورة البقرة أيضًا، قال الله سبحانه وتعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.
وفي سورة النحل، جاء قوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ…}.
وفي سورة الفرقان، قال الله تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا…}.
وفي سورة آل عمران، جاء قول الله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ …}.
وفي سورة الأنعام، قال الله تعالى: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ۖ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ…}.
وفي سورة يونس، قال الله عز وجل: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ …}.
وَ الآن وبعدما استعرضنا جمع كلمة “حياة” يجب أن نوضح أن ما يجعل الكثيرين يعانون من صعوبة في جمعها هو كون الكلمة تتناول جانبين مختلفين؛ فهي في بعض السياقات تدل على المصدر وفي سياقات أخرى تشير إلى الاسم وبالتالي من الضروري أن نتبين أولاً إذا كانت الكلمة تُستخدم كمصدر أم كاسم قبل التصدي لجمعها بشكل دقيق وصحيح.