دعاء الاستفتاح قبل الصلاة مكتوب (وجهت وجهي)

يُعد دعاء الاستفتاح من الأدعية المُهمة التي يُستحب للمسلم أن يرددها عند بداية الصلاة سواء كانت الصلوات الفرض أو الصلوات النافلة التي يؤديها المسلم تطوعًا فوق الفريضة المكتوبة ويُعتبر هذا الدعاء من سنن النبي محمد صلى الله عليه وسلم التي كان يحث أُمته على اتباعها ويُقال في الركعة الأولى من الصلاة فقط ولا يُعاد في بقية الركعات بغض النظر عن عددها الغاية من هذا الدعاء هي أن يستحضر المسلم نيته ويُهيئ نفسه للوقوف بين يدي الله عز وجل وإذا نسي المسلم تلفظه بهذا الدعاء فلا يقع عليه أي ذنب لأن الدين الإسلامي دين يُسرٍ ورحمةٍ ولا يُلزم المسلم بما يُسبب الحرج أو المشقة أُطلق عليه اسم دعاء الاستفتاح لأن المسلم يستفتح به صلاته ويُمهِّد به للدخول في أركان الصلاة وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يُحافظون على قوله في كل صلاة اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم والتزامًا بسُنته ونص هذا الدعاء كالتالي:

  • وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين.

معنى دعاء الاستفتاح

دعاء الاستفتاح يُعتبر الدعاء الذي يبدأ به المسلم صلاته سواء كانت فريضة أو نافلة ويُعد فاتحة للصلاة حيث يُقال بعد تكبيرة الإحرام وقبل أن يُشرع المصلي بقراءة سورة الفاتحة وحُكمه في الشريعة أنه سنة مستحبة مما يعني أنه إذا غفل عنه المصلي أو تركه عمدًا فلا يلحقه في ذلك إثم وتبقى صلاته صحيحة بإجماع علماء الفقه على ذلك وفيما يتعلق بمذاهب الأئمة الأربعة فقد أجمع ثلاثة منهم على أن دعاء الاستفتاح سنة إلا أن المذهب المالكي قد اعتبر تلاوته مستحبًا فقط في صلوات النافلة وفضل الامتناع عن قراءته في صلوات الفريضة مُبررين ذلك بأن الدعاء في مثل هذه الحالات يُعد غير مستحب كما أنه لا يُؤثر على صحة الصلاة بأي حال ومع ذلك فإن المسلم لديه الحرية في اختيار الصيغة التي يتلوها من بين الصيغ المختلفة المأثورة التي تناسبه وتناسب قدراته لتكون وسيلة لِتعبير الروح والتقرب من الله ومن بين هذه الصيغ التي يستطيع المصلي أن يستخدمها في استفتاح صلاته التالي:

  • (وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَر السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَه وبذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ).
  • (اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ، كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ).

نص دعاء استفتاح الصلاة

دعاء استفتاح الصلاة يُعد من الأدعية العميقة التي تحمل في طياتها توجه العبد بقلبه ونفسه خالصًا لله سبحانه وتعالى مُظهرًا بذلك تواضعه وخضوعه الكامل لربه يبدأ الدعاء بتأكيد النية وإظهار التوحيد الخالص لله عز وجل ليُجسد بذلك المعاني العظيمة للإيمان والتقرب من الله يُفتتح الدعاء بقول العبد:

وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا ، وما أنا من المشركين ، إن صلاتي ، ونسكي ، ومحياي ، ومماتي لله رب العالمين ، لا شريك له ، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين ، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت أنت ربي ، وأنا عبدك ، ظلمت نفسي ، واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعا ، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت ، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت ، لبيك وسعديك والخير كله في يديك ، والشر ليس إليك ، أنا بك وإليك ، تباركت وتعاليت ، أستغفرك وأتوب إليك .
  • وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا مما يُبرز توحيده لله عز وجل ويعبّر عن تركه للشرك وكل ما يُعبد من دون الله في هذا الجزء من الدعاء يُظهر العبد إخلاصه في الطاعة والخضوع لرب السماوات والأرض كما يُعلن أن جميع أفعاله من صلاة ونسك وحياته وحتى مماته هي لله وحده الذي لا شريك له مُقرًا بأنه الرب المستحق للعبادة وحده والطاعة المطلقة ومُعبرًا عن انتمائه لأمة الإسلام التي أخلصت لله أعمالها.
  • يتواصل الخطاب بين العبد وربه في هذا الدعاء ليُثني العبد على الله بوصفه مالك المُلْك الذي ليس له شريك في ألوهيته ولا ند في عظمته يُقر العبد بأنه عبدٌ مملوك لله ويُظهر تواضعه بقوله الذي يحمل اعترافًا بذنب العبد تجاه نفسه وعصيانه للأوامر فيقول: فاغفر لي ذنوبي جميعًا مُوقنًا بأن الله هو الغفّار الذي بيده وحده المغفرة والرحمة لمن شاء من عباده فيُعلن استسلامه لحكم الله ورجاءه في رحمته.
  • يتواصل الدعاء بطلب العبد من ربه أن يهديه إلى الأخلاق الفُضلى التي يحبها الله ويرضاها مُعترفًا بأن الخُلق الحسن لا يُنال إلا بتوفيق الله وحده ومستعيذًا بالله من الأخلاق السيئة التي لا يستطيع النجاة منها إلا بمعونة الله وقوته فيُضمّن الدعاء هذا الرجاء والخضوع التام.
  • ثم يُكمل العبد دعاءه بتعظيم الله وتمجيده حيث يُعبّر عن سعادته وسروره بتحقيق عبودية ربه بعبارات: لبيك وسعديك مُستدركًا أن الخير كله بيد الله وحده ولا يأتي الشر منه فيُبرز بذلك صفات الله الحميدة التي لا شائبة فيها ويُظهر حاجته واعتماده الكامل على ربه بكلمات: أنا بك وإليك مما يوضح مدى توكله على الله في كل شيء.
  • ويختتم العبد دعاءه بتمجيد الله وتنزيهه عن كل نقص حيث يُظهر عظمة الله وقدسيته بقوله: تباركت وتعاليت ويُعلن توبته وندمه على ما اقترفه من أخطاء وذنوب مُلتمسًا رحمة الله ومغفرته بصدق حيث يختم الدعاء بكلمات: أستغفرك وأتوب إليك ليُجسد بذلك حالة من الندم والاعتراف بالخطأ والرغبة الحقيقية في العودة إلى الله نقيًا طاهرًا.

صيغة دعاء الاستفتاح كاملة مكتوبة

اللَّهُمَّ لكَ الحَمْدُ أنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَن فِيهِنَّ، ولَكَ الحَمْدُ لكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَن فِيهِنَّ، ولَكَ الحَمْدُ أنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَن فِيهِنَّ، ولَكَ الحَمْدُ أنْتَ مَلِكُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ، ولَكَ الحَمْدُ أنْتَ الحَقُّ ووَعْدُكَ الحَقُّ، ولِقَاؤُكَ حَقٌّ، وقَوْلُكَ حَقٌّ، والجَنَّةُ حَقٌّ، والنَّارُ حَقٌّ، والنَّبِيُّونَ حَقٌّ، ومُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَقٌّ، والسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لكَ أسْلَمْتُ، وبِكَ آمَنْتُ، وعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وإلَيْكَ أنَبْتُ، وبِكَ خَاصَمْتُ، وإلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وما أخَّرْتُ، وما أسْرَرْتُ وما أعْلَنْتُ، أنْتَ المُقَدِّمُ، وأَنْتَ المُؤَخِّرُ، أَنْتَ إِلَهِي لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ .
    • اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ أنْتَ المُدَبِّرُ والمُتَصَرِّفُ في السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَن فِيهِنَّ ولَكَ الحَمْدُ لأنَّكَ تَمْلِكُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ وكُلَّ ما فيها ولَكَ الحَمْدُ لأنَّكَ أنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَن فِيهِنَّ ولَكَ الحَمْدُ لأنَّكَ أنْتَ الحَقُّ والمَلِكُ الحَقُّ في السَّمَوَاتِ والأرْضِ ولَكَ الحَمْدُ لأنَّ قَوْلَكَ حَقٌّ ووَعْدُكَ حَقٌّ وزيارتُكَ حَقٌّ والفِرْدَوْسُ حَقٌّ والنَّارُ حَقٌّ والنَّبِيُّونَ حَقٌّ وبَعْثُ سيدِنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَقٌّ ووُقُوعُ السَّاعَةِ حَقٌّ اللَّهُمَّ أنا لَكَ أَسْلَمْتُ ومِنْكَ بَاطِنُ قَلْبِي آمَنَ وعَلَيْكَ وُكُولِي وتَدْبيرُ شُؤُونِي وإلَيْكَ رُجُوعِي وبِكَ حِجَاجِي ومَعَكَ عَدْلُ مُحَاكَمَتِي اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنَبِي كُلَّهُ ظَاهِرُهُ ومَا أَغْلَقْتُه وما قَدَّمْتُ وما آخرتُ إنَّكَ أنْتَ الـمُبْتَدئُ وأنْتَ المُخْتِمُ ولا مَعْبُودَ سِوَاكَ.

أدعية الاستفتاح المأثورة من السنة النبوية

أدعية الاستفتاح من السنة ورد عن عاصم بن حُمَيْد رضي الله عنه أنّه قال: سأل عائشة رضي الله عنها عن أول الأمور التي كان يبدأ بها النبي صلى الله عليه وسلم قيام الليل فجاء جوابها: لقد سألتني عن أمر لم يسألني عنه أحد قبل ذلك وكان النبي عليه الصلاة والسلام في بداية قيامه يكبر الله عشر مرات ويحمده عشر مرات ويسبحه عشر مرات ويهلهل عشر مرات ويستغفره عشر مرات ثم كان يدعو قائلاً: “اللهم اغفر لي واهدني وارزقني وعافني ، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ضِيقِ الْمَقَامِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.” .

نص دعاء الاستفتاح “وجهت وجهي”

حين يُقبِل المسلمُ على الصلاة يشرعُ باستقبال القبلة مع استحضار النية لإقامةِ هذه العبادة الجليلة ويدخل في الصلاة مبتدئًا بدعاء الاستفتاح المُستحَب الذي وردت صيغُه عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم ومن أبرز صيغه:

  • سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت أنت ربي وأنا عبدك، ظلمت نفسي، واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعاً إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت لبيك وسعديك، والخير كله في يديك، والشر ليس إليك أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت، نستغفرك ونتوب إليك.

تُعدُ هذه الأدعية التي يتلوها المسلم في مستهل صلاته بمثابة تسبيح للمولى عز وجل وتعظيمٍ لجلاله حيث تجسد الأدعية معانٍ سامية تتمثل في الإقرار بعبودية الإنسان لله الواحد الأحد واعترافه بأنه المتفرد بالألوهية وهو صاحب السيطرة على كل الأمور وتهدف إلى التعبير عن خشية المسلم لله بتنزيهه عن كل نقص والثناء عليه بمحبته والإذعان له وحده دون شريك ويطلب المسلم من خلالها المغفرة والعفو من الله بعدما يعترف بكل أوجه التقصير والذنوب وأيضًا الهداية لأفضل الأخلاق ودرء الأخلاق السيئة التي لا يملك صرفها عنه إلا الله لتأتي هذه الكلمات لتعزز حالته من الخشوع الذي يربط بين قلب العبد وربه مما يجعلها أساسًا يعكس عمق الإيمان ويعين العبد على أداء الصلاة بخشوع كامل وبصدق نابع من قلبه.

هذا الدعاء يُمكن أن يُمثّل نقطة انطلاق روحانية في الصلاة ليضع المسلم ثقته الكاملة بيد الله سبحانه وتعالى حين يبدأ مناجاته بهذه الكلمات المعبرة والجامعة لمعاني التوحيد والثناء والطلب من الله عز وجل.

الوقت المناسب لقول دعاء الاستفتاح أثناء العبادة

يُعَدُّ دعاءُ الاستفتاح من الأدعيةِ المأثورة التي تُقال في الصلاةِ بصفةٍ سرية دون رفع الصوت بها وقد أوضحت السنة النبوية بأن هذا الدعاء يُقال بعد تكبيرة الإحرام وقبل الشروع في قراءة سورة الفاتحة وهذا ما ذهب إليه جمهور العلماء من أهل الفقه بينما يرى المالكية بأن هذا الدعاء يُقال قبل التكبير وقبل الدخول الفعلي في الصلاة وتُوجد عدة صيغ مشهورة لهذا الدعاء، وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم ومنها:

  • (اللهم بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كما بَاعَدْتَ بين الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ اللهم نَقِّنِي من الْخَطَايَا كما يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ من الدَّنَسِ اللهم اغْسِلْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ.
  • (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وَما أَخَّرْتُ، وَما أَسْرَرْتُ وَما أَعْلَنْتُ، وَما أَسْرَفْتُ، وَما أَنْتَ أَعْلَمُ به مِنِّي، أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ).

صيغ دعاء الاستفتاح مكتوبة

  • (اللَّهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَفْصِلُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ اُهْدُنِي بِإِذْنِكَ إِلَى الْحَقِّ فِي مَا اخْتَلفْتُ فِيهِ إِنَّكَ تَهْدِي بِرَحْمَتِكَ مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ).
  • (اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَعِيذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ وَأَسْتَعِيذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ وَأَسْتَعِيذُ بِكَ مِنْ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ وأَسْتَعِيذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ).
  • (سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اُغْفِرْ لِي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَأَرْزُقْنِي وَاهْدِنِي وَعَافِنِي أَسْأَلُكَ أَنْ تُنْقِذَنِي مِنْ ضِيقِ مَوْقِفِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمِنْ هَوْلِ ذَاكَ الْيَوْمِ).

مدى وجوب دعاء الاستفتاح في الصلاة

دعاءُ الاسْتِفتَاحِ يُعَدُ مِنْ البِداياتِ المُبَارَكَةِ الَّتي يُفتَتَحُ بها الصَّلاةُ وهو مِثل التَّقديم الإيماني للصلاة التي يؤدِّيها المسلمُ حيثُ يُعتَبَرُ مِنَ السُّنن المَحلُولَة عَن النَّبيِّ عليهِ الصَّلَاةُ والسلامُ ولَيسَ فَرضًا واجبًا ولكنهُ مُستحبٌّ يعكسُ الاقتداءَ بسيرتِه.

الأدعيَة التي تُقالُ عِندَ بدايةِ الصَّلاةِ لا تُشترطُ لتَصحيحِ الصَّلاةِ بمعنى أنَّ الصَّلاةَ تكونُ صحيحةً سواءً قَرَأَ المسلمُ الدعاءَ أم لم يقرأهُ إلا أنَّ دعاءَ الاستِفتاحِ يَبقَى من الأعمال المُهِمَّة والبَارِزَة كونهُ سنَّة حبَبنَا فيها نبينَا الكريمُ وكان عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ يُحافظ على تقديمِ صَلاتِه بالدُّعاءِ هذا الجميلِ والمُضِيءِ:

  • (اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وإسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ عَالِمَ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بيْنَ عِبَادِكَ فِيما كَانُوا فيه يَخْتَلِفُونَ اهْدِنِي لِما اخْتُلِفَ فيه مِنَ الحَقِّ بإذْنِكَ، إنَّكَ تَهْدِي مَن تَشَاءُ إلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ).

نص دعاء الاستفتاح الذي يقال بعد تكبيرة الإحرام

يُقال دعاء الاستفتاح بعد تكبيرة الإحرام مباشرة كما أقرّ الأئمة الثلاثة: الشافعية والحنابلة والمالكية إذ يُعد هذا الموضع هو بداية الدخول في الصلاة حيث يُكبّر المسلم تكبيرة الإحرام ثم يتبعها بدعاء الاستفتاح.

  • اختلف الأئمة في صياغة وألفاظ دعاء الاستفتاح وكل إمام استند إلى ما نُقل عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بالصيغ المختلفة للدعاء ومع ذلك فإن جميع هذه الصيغ تُعتبر من السنن المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
  • أجمع أهل العلم على عدم جواز الجمع بين أكثر من صيغة لدعاء الاستفتاح خلال الصلاة لأن ذلك لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد تم التأكيد على الاكتفاء بصيغة واحدة فقط تماشيًا مع ما ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام.

كيفية أداء دعاء الاستفتاح بالحركات الصحيحة

دعاء الاستفتاح يُعدُّ من الأدعية التي تُقال بصوت منخفض أثناء الصلاة حيث لا يجوز للمسلم الجهر بهذا الدعاء خلال أداء الصلاة ولا سيما إذا كان يؤدي الصلاة في جماعة إذ أن الإسلام يُرشدنا إلى مراعاة شعور الآخرين الذين يشاركوننا الصلاة والالتزام بالسكينة والهدوء في مثل هذه الأوقات لذلك يُقال هذا الدعاء بتحريك اللسان مع حضور القلب والتفكر في معاني كلماته بتأمل وخشوع.

  • عن أبي هريرة رضي الله عنه قال إن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كبر في الصلاة كان يُمهل قليلاً بصمت قبل أن يبدأ في قراءة الفاتحة فسألته ذات مرة قائلاً: “يا رسول الله فداك أبي وأمي، ما الذي تقوله أثناء هذا السكوت بين التكبير والقراءة؟”. فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً: “اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد”..

تفسير دعاء “سبحانك الله وبحمدك”

  • عن عبده  إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يرفع صوته بهذه الكلمات قائلاً: سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك رواه مسلم.

المقصود من قول عمر رضي الله عنه عند ذكر (سبحانك اللهم) هو تأكيد تنزيه الله سبحانه وتعالى عن أي نقص أو عيب مع إثبات الكمال المطلق في صفاته وجلال هيبته وعظمته وعبارة (وبحمدك) تحمل في معانيها الاعتراف التام بجلال وعظمة صفاته المقترنة بالإقرار الكامل بفضل الله وجماله حيث إن الحمد يتضمن اجتماع الحب والتقدير لصفات الله الكاملة وعظم شأنه وأما جملة (تبارك اسمك) فتبين الخير والبركة المتأصلة في اسم الله العظيم الذي يفيض بالنعم والخيرات التي لا حدود لها على كل ما يتصل به وأما (وتعالى جدك) فتؤكد على علو قدر الله وعظم شأنه وسمو صفاته إلى درجة لا يمكن للبشر إدراكها وهي صفة يختص بها المولى سبحانه دون أن يشابهه فيها أحد.

الحكم الشرعي لدعاء الاستفتاح

يُنظر إلى دعاء الاستفتاح باعتباره من السُنن المؤكدة في الصلاة وفق آراء جمهور العلماء حيث اتفقوا على أنه غير واجب وهذا ما ذهب إليه أغلب العلماء من المالكية والشافعية والحنفية واستندوا في ذلك إلى ما ورد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في الحديث التالي:

بينما كنّا نُصلّي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أحد المُصلّين: الله أكبر كبيرًا والحمد لله كثيرًا وسبحان الله بكرةً وأصيلًا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن قائل كلمة كذا وكذا؟) فقال الرجل: أنا يا رسول الله فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (عَجِبتُ لها، فُتِحَتْ لها أبواب السماء) وأكد ابن عمر رضي الله عنه أنه لم يترك هذا الدعاء منذ أن سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول ذلك.

أما الإمام أحمد بن حنبل فقد ورد عنه رأي آخر يرى فيه وجوب دعاء الاستفتاح في الصلوات التي تشمل الركوع والسجود وهذا ما جاء في إحدى الروايات عنه إلا أن المذهب الحنبلي ككل يميل إلى أنه مستحب غير واجب.

ويرجع القول باستحباب الدعاء إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يردده في صلاته ولكنه لم يُباشر تعليم الصحابة له إذ لم يُعلمهم هذا الدعاء إلا حين سأله أحد الصحابة عمّا يُقال بين التكبير وقراءة الفاتحة فبيّن لهم صيغته في تلك اللحظة وهذا يُشير إلى أنه لو كان الدعاء واجبًا لكان النبي صلى الله عليه وسلم اهتم بتعليمه لهم فورًا دون انتظار أن يُطرح عليه السؤال.

فضائل الالتزام بدعاء الاستفتاح

فضائل دعاء الاستفتاح تُبرز القيمة العظيمة لهذا الدعاء الذي يُزكي قلب المسلم ويربطه بخالقه ويُعزِّز من تعظيمه لله تبارك وتعالى حيث أنه:

  • يحتوي هذا الدعاء على عبارات مليئة بالمدح والثناء الموجهة لرب العالمين مما يُعلِّم المسلم كيف يُقدِّر عظمة الله ويُكرمه ويُطهِّر قلبه من كل ما قد يُنقص من هيبته وتوقيره لله عز وجل.
  • يعترف المسلم في هذا الدعاء بذنوبه وسيئاته أمام الله مما يُساعده على إدراك ضعفه وتواضعه أمام خالقه ويُخلِّصه من مشاعر الكبرياء والتعالي التي قد تغلب عليه إذا غفل عن حقيقته ومكانته الحقيقية أمام الله سبحانه.
  • يُظهر الدعاء حاجته الماسَّة للرحمة والمغفرة من الله مما يُحقق مفهوم العبودية الحق القائم على الانكسار لله ويُرسِّخ في نفس المسلم شعور التوبة الدائمة ويُذكِّره بالابتعاد عن الخطايا والمعاصي التي تُعتبر تعدياً على حقوق الله عز وجل.
  • يتضمن الدعاء طلباً صادقاً من الله لهداية المسلم إلى الطريق المستقيم وإبعاده عن الباطل لأن الله وحده هو من بيده الهداية الحقيقية وفعله نافذ لا يعوقه شيء إذ بأمره تتحقق كل الأمور بإرادته المطلقة.
  • يعمل الدعاء على تثبيت الإيمان بالأمور الغيبية في قلب المسلم كالإيمان بوجود الله ووعده الحق ولقائه والإيمان برسله مما يُعزز اليقين الكامل بكل ما أخبرنا الله به في كتابه العزيز والسنَّة النبويَّة.

ترديد دعاء الاستفتاح أثناء الصلاة

يُعتبر ترديد دعاء الاستفتاح في الصلاة من السنن التي تأتي مباشرة بعد تكبيرة الإحرام حيث يعتمد تكرار الدعاء وتنظيمه على نوع الصلاة وكيفية أدائها ففي صلاة الفريضة يُقرأ دعاء الاستفتاح في الركعة الأولى فقط دون تكراره في بقية الركعات سواء كانت الصلاة تتألف من ركعتين أو أكثر وأما في حالة الصلاة المكونة من أربع ركعات تُؤدى بتسليمة واحدة فإن دعاء الاستفتاح يُقال مرة واحدة فقط بعد التكبيرة الأولى في حين لو كانت صلاة الأربع ركعات تُجزأ إلى ركعتين ركعتين مع تسليمتين فإن دعاء الاستفتاح يُقرأ بعد تكبيرة الإحرام للصلاة الأولى فقط ولا يُعاد قراءته عند بدء الصلاة الثانية.

  • إذا كانت الصلاة فريضة: فإن المصلي يُردد دعاء الاستفتاح في الركعة الأولى من كل صلاة فريضة مرة واحدة فقط.
  • في حالة أداء أربع ركعات متصلة: يكون دعاء الاستفتاح جزءًا من الركعة الأولى بعد تكبيرة الإحرام فقط، ولا يُعاد في الركعات الباقية.
  • في حالة تقسيم الأربع ركعات إلى ركعتين مع تسليمتين: يُقال دعاء الاستفتاح بعد تكبيرة الإحرام للركعتين الأوليين فقط ولا يُعاد عند بدء الركعتين الأخريين.

فوائد الاستمرار على قول دعاء الاستفتاح

  • يُساهم في إزالة الشكوك التي قد تعترض بعض الأشخاص حيث يُبرز أهمية الصلاة ودورها الجوهري من خلال وصفها بأنها نور يمكن أن يكون نورًا ظاهرًا في سكينة الروح أو نورًا معنويًا يتجلى في تحسين حياة الفرد وتغيير واقعه بشكل إيجابي مما يمنحه حالة من التحسن والاستقرار الداخلي الذي ينعكس على تعاملاته اليومية وحالة طمأنينته.
  • يعدّ وسيلة فعّالة للاستعداد الكامل للدخول إلى الصلاة لأنه يعزز من حالة التركيز الذهني ويُبعد وساوس الشيطان مما يساعد على التخلص من أي تشتت أو سرحان أثناء أداء الصلاة وهذا الأمر يسهم بقوة في تمكين المسلم من تحقيق خشوع كامل والارتقاء بمستوى ارتباطه الروحي مما ينتج عنه شعور بالسكينة والراحة النفسية التي تُمكن الشخص من أداء صلاته بخشوع وطُمأنينة مستحضرًا عظمة الموقف أمام رب العالمين حيث أن الصلاة المفتقرة لخشوع القلب والتركيز قد لا تؤدي المطلوب منها بالشكل الأمثل لذا فإن تقدير هذا الشعور وتجديد النية من أسباب قبول الصلاة بإذن الله عز وجل.
  • يتضمن هذا الدعاء توكيدًا على اختلاف الناس في أمورهم وأن الله سبحانه وتعالى وحده هو الحكم العدل فيما يختلفون فيه كما يُظهر هذا الدعاء بشكل واضح الاعتراف الخالص بالتوحيد لله عز وجل ويتجلى ذلك من خلال قول “وجهت وجهي” التي تحمل في طياتها مضمونًا عميقًا لتقديس الإخلاص لله مما يجعل المؤمن يدرك بكل يقين أنه يقف بين يدي خالقه بقلب متجه بشغف وإيمان لا يتزعزع متيقنًا بأن الله هو المعبود الوحيد بلا شريك مما يعزز الرابطة الروحية بين العبد وربه بشكل عميق ومؤثر.

دعاء الاستفتاح للأطفال بأسلوب مبسط

إنَّ من الضروري جدًا أن يحرص الوالدان على غرس حب الصلاة في نفوس أطفالهم منذ سن السابعة بهدف تنشئتهم على عبادة راسخة تعزز علاقتهم بربهم وتقوي إيمانهم لأن الصلاة تُعد عمود الدين وهي الأساس الذي يُبنى عليه كل شيء في الإسلام كما أنها العبادة الأولى التي يُسأل عنها الإنسان يوم القيامة مما يعكس عظمة مكانتها وأهميتها الكبيرة في حياة المسلم.

تُساهم الصلاة في تطهير المسلم من الذنوب والمعاصي وتُبَعد عنه الخطايا كما تُذكره بضرورة الابتعاد عن كل ما هو فاحش أو منكر وهذا يُعزز صلته برب العالمين ويُدخل عليه رضاه ومغفرته ويفتح له أبواب الجنة فضلًا عن أنها تُعينه في قضاء حاجاته وتُضفي على حياته شعورًا بالراحة النفسية والسكينة مما يجعلها مصدرًا كبيرًا للطمأنينة وراحة البال.

الأبحاث والدراسات أثبتت أن الأشخاص الذين يحرصون على أداء الصلاة في أوقاتها ويلتزمون بشروطها وأحكامها وأركانها هم أكثر الناس سعادة ورضا في حياتهم ويتمتعون بمزاج أفضل بشكل ملحوظ مقارنةً بغيرهم وقد بيَّن القرآن الكريم هذا بوضوح في قول الله عز وجل: (مَن عَمِلَ صالِحًا مِن ذَكَرٍ أَو أُنثى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً).

إنَّ كل مسلم يسعى إلى النجاح والتميز في حياته سواءً الدنيوية أو الأخروية يجب عليه الاقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم والعمل على تطبيق أفعاله وأقواله قدر الإمكان بهدف نيل رضا الله ومغفرته والطموح لدخول الجنة التي هي الهدف الأسمى لكل مؤمن.

إيمان محمد محمود، خريجة تكنولوجيا التعليم والمعلومات ، أعمل مدرب حاسبات ونظم، كاتبة مقالات في العديد من المواقع ، متخصصة في الأدعية والاخبار السعودية علي موقع كبسولة ، للتواصل معي capsula.sa/contact_us .

0 0 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات
0
اكتب تعليقك او استفسارك وسنرد عليك في أقرب وقت بمشيئة الله تعالىx
()
x